جمعيّة القضاة التونسيين تندد بإعفاء رئيس الجمهورية لـ57 قاضيا
إن المكتب التنفيذي لجمعيّة القضاة التونسيين على إثر إصدار رئيس الجمهورية للأمر عدد 516 لسنة 2022 المؤرخ في 1 جوان 2022 المتضمن لإعفاء 57 قاضيا بعد تنقيح المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022 والمتعلق بإحداث المجلس الأعلى للقضاء المؤقت بمقتضى المرسوم عدد 35 لسنة 2022 المؤرخ في 1 جوان 2022 وإسناد رئيس الجمهورية نفسه بمقتضى ذلك التنقيح صلاحية إعفاء القضاة مباشرة دون المرور بالمسارات التأديبية القانونية وبناء على تقارير سرّية وضمن سلطة تقديرية واعتباطية في مخالفة للحد الأدنى من معايير حق الدفاع المكفول دستوريا والمضمون بموجب المعاهدات الدوليّة ذات الصلة المصادق عليها من الدولة التونسية والمكفولة بموجب القوانين الأساسية.
وبعد التذكير بكل الانتهاكات الدستورية وبكل الخروقات القانونية التي مست وضع السلطة القضائية منذ 25 جويلية 2021 والتي جاء المكتب التنفيذي على تفاصيلها في بياناته السابقة والتي اتفق حولها طيف واسع من المجتمع الحقوقي والمدني فإنه:
أوّلا: يؤكّد على أنّ المرسوم عدد 35 مرسوم معدوم لما مثّله من تعدّ واضح على الاختصاص الحصري للمجلس الأعلى للقضاء وتدخل واضح وفادح لرئيس الجمهورية في ما هو موكول للسلطة القضائية وما يمثله من انتهاك لكل المبادئ المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق الدولية من حق الدفاع ومبدأ المواجهة وقرينة البراءة.
ثانيا: يندّد بأمر الإعفاء لما مثله من مذبحة قضائية بذريعة محاربة الفساد والحال أنه في الواقع لا صلة له بمحاربة الفساد وبالمحاسبة الحقيقية اللتين لا تكونان إلا ببرامج الإصلاح وبتطبيق القانون والضمانات القانونية المكفولة للأشخاص وعن طريق المؤسسات التي تعود إليها صلاحية المحاسبة طبق القانون.
ثالثا: يوضّح للرأي العام أن هذه المذبحة تأتي في سياق تصفية عدد من قضاة النيابة العمومية ومنهم الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس ووكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس وقضاة التحقيق والمجلس الذين تمسكوا بتطبيق القانون بحيادية وبمقتضى الإجراءات القانونية السليمة بعد 25 جويلية 2021 سواء بخصوص تطبيق الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية وغيرها من الإجراءات القانونية والذين لم يخضعوا لضغوطات رئيس الجمهورية اليومية والعلنية وتعليماته المباشرة وبواسطة وزيرة العدل في القضايا المنشورة لديهم كما لم يخضعوا لإحالاته ولا لمحاكماته الإعلامية والعلنية في تعارض صارخ مع بديهيات وأبجديات الإجراءات الجزائية كما لم يضعفوا تحت وطأة حملات السحل الالكتروني عبر صفحات مشبوهة تعمل لحساب رئيس الجمهورية وفي ظل إفلات كامل من العقاب.
رابعا: يسجّل أيضا أن هذه المذبحة شملت في نفس السياق رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي لتصديه للحل غير الدستوري للمجلس وما مثله من إلحاق للسلطة القضائية الحامية للحقوق والحريات بالسلطة التنفيذية المتمثلة اليوم في رئيس الجمهورية وحده ، كما شملت القضاة الذين عبّروا على مواقف نقدية من قرارات رئيس الجمهورية الاستثنائية التي مثلت انحرافات قانونية صادمة متكررة ويومية في علاقة باستقلال القضاء فمثلت تتبعا ومحاكمة لكل صوت حر مستقل ولحق القضاة في التعبير.
خامسا: يشير إلى أن هذه التصفية تهدف إلى خلق شغورات في المسؤوليات القضائية التي يتوجه رئيس الجمهورية لسدها بمن يعتقد أنهم سيوالونه ويعملون طبق تعليماته وتعليمات وزيرة العدل. ويحذر من العواقب الوخيمة والخطيرة لإطلاق يد سلطة رئيس الجمهورية في إعفاء القضاة طبق المرسوم 35 بناء على تقارير سرية وفيما يقدّره هو من حالات التأكد ودون أي إمكانية للطعن في قراراته بما سيؤول حتما إلى ترهيب وترويع عموم القضاة وإضعافهم في حماية الحقوق والحريات وتوظيفهم من خلال وضع اليد على السلطة القضائية بالكامل لترهيبها وتوجيهها وتوظيفها سياسيا.
سادسا: يدعو كل القوى الوطنية إلى التنبه إلى خطورة الخطوة التي أقدم عليها رئيس الجمهورية بعزل 57 قاضيا دون أي حق في المواجهة القانونية أو التظلم مع تحصينها ضد أي نوع من أنواع الطعن ورفضها رفضا قطعيا والوقوف مع القضاة في معركتهم ضد ما تعيشه البلاد من وضع غير مسبوق من انتهاك لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة وينبه إلى أنّ أي سكوت عما يحدث سيؤول بالضرورة إلى مزيد من القرارات الانفرادية لرئيس الجمهورية باستعمال القضاء وتوظيفه سياسيا بعد تركيعه وإخضاعه ووضع اليد عليه بالكامل.
سابعا: يدعو جميع القضاة في هذه الأوقات العصيبة لمزيد التمسك باستقلالهم وحيادهم في ممارسة وظائفهم القضائية بكامل النزاهة دون الخضوع لأي ضغوطات من أي جهة كانت حماية للحقوق والحريات من التعسف.
ثامنا: يدعو القضاة إلى رص الصفوف والتعبئة التامة لمواجهة هذه الهجمة الشرسة على السلطة القضائية ويقرر عقد مجلس وطني طارئ وعاجل يوم السبت 04 جوان 2022 ويدعو جميع الهياكل القضائية وعموم القضاة لحضوره للتداول بشأن المستجدات الأخيرة واتخاذ ما يستوجب من قرارات.
تعليق جديد