بخصوص خطورة قانون المالية لسنة 2023 وتبعاته الكارثية


بيان- لم يشذ مشروع قانون المالية لسنة 2023 عن سابقيه من قوانين المالية المضرة التي عمقت الهوة بين من يدفعون الضريبة ومن يتهربون من دفعها واغرقت تونس في المديونية وحصنت المهربين والمتهربين من دفع الضريبة وساهمت في قتل عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية التي صرحت بوجودها نتيجة للضغط الجبائي المشط الذي يعد الأعلى اليوم في افريقيا حسب اخر الاحصائيات المنشورة من قبل منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي.

فيكفي الاطلاع على مقدمة قوانين المالية للوقوف على المغالطات التي تتضمنها كل سنة من قبيل دفع نسق الاستثمار والتنمية ومساندة المؤسسات والتصدي للتهرب الجبائي ودعم التضامن والسكن الاجتماعي والامتثال الضريبي واعداد قانون المالية حسب مقاربة تشاركية ومناقشة محتواه في اطار المجلس الوطني للجباية وغير ذلك من الشعارات التي تضلل الراي العام.
من لا يعرف ان المجلس الوطني للجباية المكلف نظريا بتقييم السياسة الجبائية وابداء الراي حول العدالة الجبائية لم ينجز المهام المناطة بعهدته منذ سنة 2002 نظرا لانه يعد فاقد للاستقلالية باعتبار ان رئاسته وكتابته والدعوة لاجتماعاته اسندت لوزير المالية . وفي اطار الهروب الى الامام، لم يتم التفاعل مع العديد من مقترحاتنا السهلة وغير المكلفة وذات المردودية العالية كالمقترح المتعلق بالتنصيص على بند صلب قوانين المالية لتقييم مردودية الاحكام المكلفة وعديمة المردودية والقاتلة التي يتم سنها سنويا خلافا لما تقوم به الدول المتقدمة.
 
فالملاحظ ان العديد من الاحكام التي تم تمريرها سابقا بقوانين المالية تحت شعار التشجيع على الاستثمار والتشغيل تم توظيفها للتهرب من دفع الضريبة كتلك المتعلقة باعفاء الباعثين الجدد من دفع الضريبة طيلة 4 سنوات.
كما تم تمرير العديد من الاحكام لتمويل برامج على انها ذات طابع اجتماعي وترمي الى دفع نسق التشغيل ليتضح فيما بعد انه تم اهدار المال العام في اطارها.
 
فهل يمكن التصدي للتهرب الجبائي من قبل هيكل لا يعرف الى حد الان عدد الأشخاص المطالبين قانونا بدفع الضريبة بتونس.
هل من الممكن عدم تطبيق مقترحنا الذي من شانه ان يمكنهم من معرفة كل الأشخاص المطالبين قانونا بدفع الضريبة والمتمثل في فرض حمل جواز جبائي على غرار الجواز الصحي بغاية الانتفاع بالمرفق العمومي والترشح للمناصب العامة.
هل من الممكن عدم تطبيق مقترحنا المنادي بوضع سجل وطني للمهربين والمتهربين من دفع الضريبة وممارسي كل أنواع الجرائم الاقتصادية وبالأخص في حق المستهلك كما فعلت ذلك الشقيقة الجزائر وجنوب افريقيا والولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وكندا وغيرها من البلدان التي تصنف مواردها في خانة الامن القومي.
هل من الممكن عدم تطبيق مقترحنا المنادي بالتصدي للسوق الموازية من خلال عدم طرح من أساس الضريبة المبالغ المدفوعة لاشخاص يباشرون أنشطة اقتصادية ومهنية بطريقة مخالفة للتشريع الجاري به العمل.
 
ان من اكبر مظاهر الفساد ان يتم السماح باستعمال المرفق العمومي بما في ذلك الطريق العمومي من قبل المهربين والمتهربين من دفع الضريبة والناشطين في السوق الموازية.
 
هل من الممكن تجاهل مقترحنا الداعي الى التصدي للسمسرة والفساد في الملفات الجبائية من خلال تحوير الفصول 39 و42 و60 و118 و120 و130من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية التي تسمح للسماسرة ومخربي الخزينة العامة بالتدخل في الملفات الجبائية من خلال التنصيص على إمكانية ان يستعين المطالب بالاداء "بمن يختاره" عوض التنصيص على عبارة "بمستشار". فعوض ان تبادر الحكومة بوضع احكام من شانها انعاش المؤسسات الاقتصادية وبالأخص الصغرى والمتوسطة التي هي اليوم في حالة احتضار وغير قادرة على إيداع تصاريحها الجبائية والاجتماعية، قامت بمضاعفة خطايا التأخير وهذا من شانه ان يسرع بتوقفها عن الدفع وإعلان افلاسها.
 
من لا يعرف ان آلية الخصم من المورد التي تستعملها الدولة لتمويل نفقاتها ساهمت في قتل عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية من خلال تخريب سيولتها بفوائض الأداء التي يصعب استرجاعها واغراقها في المديونية.
ان من اشنع مظاهر الفساد ان يتم تعطيل الإصلاحات التشريعية والمؤسسية وتحصين المهربين والمتهربين من دفع الضريبة وهم يعدون بالملايين ونهب المنضبطين جبائيا بواسطة الطوابع الجبائية والاتاوات والمساهمات الظرفية وغير الظرفية والمعاليم والاداءات والتفريط المتعمد والمنظم في الموارد الجبائية وغير الجبائية للدولة واغراق البلد في المديونية ووضعه تحت وصاية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الاروبي والولايات المتحدة الامريكية مثلما هو الشأن الان وتجاهل الدراسة الصادرة خلال الصائفة الفارطة عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي اثبت من خلالها ان الخسارة السنوية الناجمة عن التهرب الجبائي تفوق 33 مليار دينارا.
كما ان من مظاهر الإرهاب الجبائي تحصين المتهربين من دفع الضريبة والمهربين والناشطين بالسوق الموازية والعبث بالمال العام في اطار برامج منعدمة المردودية وتعطيل الإصلاحات التشريعية والمؤسسية وعدم مكافحة الفساد ومزيد نهب وسلب المنضبطين جبائيا من خلال الترفيع في الضغط الجبائي دون مساءلة ومحاسبة ومشاركة.
 
فعلى دافعي الضرائب وبالأخص المنظمات المهنية وضع ميثاق جبائي لا تدفع الضريبة الا اذا ما تم احترامه من قبل الماسكين بالسلطة. كما ان الثورة الجبائية تبقى من الخيارات التي يمكن الالتجاء اليها اذا لم يتم وضع ميثاق جبائي يتضمن جملة من القيم والمبادئ كالعدل والانصاف والحوكمة والحفاظ على موارد الدولة الجبائية وغير الجبائية والتصدي للفساد والمبادئ العشرة الدولية التي وضعتها منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي بغاية التصدي للجرائم الجبائية والمالية.
 
 

تعليق جديد

فريق التحرير




مقالات أخرى للكاتب

فريق التحرير