مرصد الشفافية: أية حماية دولية للمبلغين عن الفساد المنكل بهم في تونس؟
بيان- التزمت تونس منذ اكثر من 50 سنة بحماية حقوق الإنسان وذلك من خلال المصادقة خاصة على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة وغيرها من المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان. هذا وقد اعتبرت الامم المتحدة من خلال احد قراراتها ان العيش في بيئة خالية من الفساد يعد حقا من حقوق الإنسان.
اما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها تونس بمقتضى القانون عدد 16 لسنة 2008، فقد ألزمت الدولة التونسية من خلال فصلها 33 بتوفير الحماية اللازمة للمبلغين عن الفساد. اما الفصل 32 من نفس الاتفاقية فقد الزمها بتوفير الحماية اللازمة للشهود والخبراء والضحايا.
خلافا لذاك الالتزام الدولي، لم يوفر القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين اية حماية فعلية للمبلغين عن الفساد دون ان تتم مراجعته كما اقتضت ذلك احكام الفصل 5 من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي تلزم الدولة التونسية بالمراجعة الدورية للقوانين التي تضعها بغاية مكافحة الفساد. فرغم ثبوت قصور وفساد القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، التي تم سنها بغاية مغالطة الراي العام المحلي والدولي، من خلال استشراء الفساد المنذر بزوال الدولة الا انه تم تجاهل الاصوات المنادية بملاءمتها مع المعايير الدولية.
ان التنكيل الذي يتعرض اليه المبلغون عن الفساد على مرأى ومسمع الماسكين بالسلطة من خلال التجويع والهرسلة والاعتداء بالعنف الشديد الذي كاد يؤدي الى الموت والتسميم والسجن في اطار قضايا كيدية والحرمان من الترقية المهنية يعد شكلا من أشكال التعذيب المشار اليه باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة. كما ان عدم توفير سبل للتقاضي والتظلم والانتصاف فيه خرق للفصل 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والفصل 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اضافة الى الدوس على احكام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد.
ففي ظل تجاهل الدولة التونسية لحقوق المبلغين عن الفساد وإلتزاماتها الدولية يبقى من حق المبلغين عن الفساد رفع المظالم التي تعرضوا اليها أمام مجلس حقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التعذيب ومكتب الامم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات.
تعليق جديد