عريضة شعبية "يزي ما رهنتونا" للمطالبة بمنوال تنموي جديد ومقاربة بديلة للسياسات الاقتصادية والقطع مع المديونية


نظرا للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها البلاد والتي تتمثّل في تدهور جلّ المؤشرات الاقتصادية لا سيما التفاقم المفرط في ديونها الخارجية وما ينجرّ عنها من خيارات تنتهجها الدّولة التونسية في منوال تنموي مهترئ ما انفكّ يفرز سياسات تقشفية جائرة لا تنتج إلا تدهورا في المرافق العمومية و تعميقا في الفوارق الاجتماعية، تطلق المنظمات الممضية (المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنظمة البوصلة) حملة تحت مسمّى "يزّي ما رهنتونا" انتصارا لسياسات عمومية تستجيب لتطلّعات الشّعب التّونسي في العيش الكريم، تكريسا للمبدأ الدستوري القاضي بسيادة الشّعب وإيمانا بالحق الكوني للشعوب في تقرير مصيرها المنصوص عليه بالمواثيق الدولية على غرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
 
إنّ الحكومات المتعاقبة على اختلاف أشكالها وألوانها اتفقت بشكل شبه تامّ على التوجّه نحو خيارات تقشّفيّة. ولئن اختلفت المسمّيات من "برنامج الإصلاح الهيكلي" فترة الثمانينات إلى برامج "الإصلاح" و "الإنعاش" و "الإنقاذ" التي تميّزت بها فترة ما بعد 14 جانفي 2011 فإن المضمون واحد، ألا وهو المزيد من التّقشّف في الاستثمار العمومي وخوصصة أكثر ما يمكن من المؤسسات والمرافق العمومية.
 
هذه الخيارات لا يمكن أن تؤدّي إلاّ إلى مزيد تعميق الفوارق الاجتماعية وتفاقم نسب البطالة واضمحلال الطبقات الوسطى، إلى جانب الدّفع بالشّرائح المهمّشة من المجتمع إلى آليات تشغيل هشّة لا تمكّن من الحفاظ على الحدّ الأدنى من العيش الكريم، أو في أقصى الحالات إلى مغادرة تراب الوطن بطرق لا زالت في أغلب الأحيان تودي بحياتهم.
 
للخروج من هذه الأزمة، لجأت الحكومات السابقة إلى التعويل شبه الآلي على الاقتراض كحلّ لسدّ العجز والتقشف لسداد خدمة الدين مكرسة مصالح الدائنين على حساب عامّة التونسيين و التونسيات ضحايا تفاقم نسب الفقر والبطالة.
 
هذا الاقتراض لطالما كان مقترنا بمجموعة من الشروط التي يمليها المانحون على الدول التي تعيش صعوبات في ثوب “إصلاحات هيكلية”. وتتمثّل هذه الشروط في خيارات اقتصادية واجتماعية تتلخّص أساسا في تراجع الدّور الاجتماعي للدّولة عبر رفع الدّعم، تجميد الانتداب في الوظيفة العمومية وخوصصة المؤسسات العمومية إلى جانب انتهاج سياسات جبائية ظالمة وهو ما يعمّق الأزمة ويتسبّب في سحق الفئات المهمّشة والأكثر فقرا في البلاد.
 
وفي ظلّ عدم وجود رؤية سياسية بديلة تؤسّس إلى منوال تنموي جديد، من شأنه خلق الثروة وتوزيعها بطريقة عادلة بين المواطنين والمواطنات كما بين الجهات، وبالتالي توفير مواطن شغل وخدمات عمومية تسمح بالعيش الكريم، فإنّ التعويل على التّداين يؤدّي بنا حتما إلى الدخول في حلقة مفرغة تتمثّل في الاقتراض من أجل تسديد القروض القديمة وهكذا دواليك. وهو ما يؤدّي بدوره إلى ارتهان سيادة الشّعب لدى المؤسّسات المالية العالمية المانحة وعلى رأسها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
 
وعليه تطالب الحملة رئاسة الجمهورية والحكومة التونسية بشكل استعجالي بـــ :
  • نشر البرنامج الحكومي المعدّ للتفاوض مع صندوق النقد الدولي والذي تمّ التطرّق إليه في بيان رئاسة الجمهورية بتاريخ 29 نوفمبر 2021 تطبيقا لمبدأ الشفافية.
  • تقديم برنامج اقتصادي اجتماعي بديل يهدف إلى إصلاحات جذرية قائمة على العدالة الاجتماعية أو في أقصى الحالات رفض الشروط التقشفية في أي برنامج تمويل من قبل المانحين الدوليين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي.
  • تخصيص حيّز مهمّ في الحوار الوطني المزمع القيام به للجانبين الاقتصادي و الاجتماعي يتمّ فيه تشريك مختلف فئات المجتمع التونسي ويكون الهدف منه هو التأسيس لمنوال تنموي بديل.
  • التدقيق في الديون الخارجية للدولة.
  • التفاف كلّ القوى السياسية والمدنية حول هذه المطالب والعمل على إنجاح هذه الحملة.

 

لتوقيع العريضة

تعليق جديد

فريق التحرير




مقالات أخرى للكاتب

فريق التحرير