نداء إلى نساء تونس..لا استفتاء على الحريات وعلى حقوق النساء


نداء إلى نساء تونس وإلى كل فئات الشعب التونسي التي سئمت الانتظار ...لا استفتاء على الحريات وعلى حقوق النساء. نحن مجموعة من المنظمات النسوية والحقوقية المدافعة عن الحقوق و الحريات والتي تؤمن بالمساواة التامة والفعلية بين الجنسين والتي تصدّت في 2012 إلى مشروع "دستور التكامل"، نتوجه بهذا النداء ، إلى جموع النساء التونسيات اللواتي يواجهن كل مظاهر العنف والتمييز والاستغلال ، وإلى كل فئات الشعب التونسي ، وأصحاب القرار لنذكهم.ن بأننا على العهد ملتزمات وملتزمون بالحقوق والحريات وأننا على العهد متشبثات ومتشبثون بالمساواة التامة والفعلية بين النساء والرجال وبين جميع الجهات ، وعلى استعداد تام للدفاع عن الكرامة والعدالة الاجتماعية لكل مواطنة ومواطن. ولنعبر عن انشغالنا لانسداد الأفق في ظل غياب الضمانات الضرورية للمحافظة على المكتسبات التي تحققت في دستور 2014 والتي لا نعلم مصيرها بعد الاستفتاء القادم.

منذ اليوم الأول من دخول حالة الاستثناء، بادرنا بصياغة مذكرة نسوية بعنوان: "حتى لا تستثنى حقوق النساء من الأجندات السياسية "، عبرنا فيها عن أهم تخوفاتنا من هدر المكتسبات الديمقراطية والنسوية وضمّناها أهم المطالب المتعلقة بحقوق النساء والمساواة، كما طالبنا من خلالها بتبني مقاربة تشاركية لا تستثنى منها النساء من أي حوار للخروج من الأزمة السياسية.
 
ومع تواصل الاستثناء على مدى سنة كاملة حتى أصبح أمرا واقعا للانفراد بالسلطة، تندثر معه عديد المؤسسات وتُعين أخرى موالية من طرف رئيس الجمهورية دون تشريك أي جهة بما في ذلك التوجه نحو تنظيم استفتاء بهيئة انتخابات معينة ميزتها الوحيدة أنها استثنت تمثيل النساء في تركيبتها، نعتبر أن هذا الإجراء خطوة تمييزية أخرى تنسف مبدأي المساواة والتناصف اللّذين ضمنهما دستور2014 بعد نضالات مستميتة خاضتها أجيال الحركة النسوية والحقوقية.
 
وإذ ندين هذا الإجراء التمييزي، فإننا نعتبره منحى ذكوريا أبويا مازال يؤثث الثقافة السياسية ويعمق الفكر المحافظ المعادي لحقوق النساء في التحرر والمساواة ويستبعدهن من المشاركة في إدارة الشأن العام الذي هو حق وليس منة من أحد، فنحن النساء مواطنات كاملات العقل والكفاءة، نحمل همّ الوطن ومطالب الشعب.
 
لقد بادر رئيس الجمهورية بإصدار المرسوم عدد 30 المؤرخ في 19ماي 2022 المتعلق بإحداث" الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة "يؤكد فيه مرة اخرى على التمشي الفوقي والمفروض بتعيين لجنتين استشاريتين متكونتين من "خبراء القانون" من الرعيل الأول لنحت دستور "الجمهورية الثالثة " لشباب وأطفال اليوم ، متناسيا وعوده بالتمسك ب "البناء القاعدي" و"تشبيب الحياة السياسية "ومع تكليف شخصين موالين لترأس كل لجنة والتي عهد لها تنظيم حوار شكلي ومزعوم فإننا:
 
  • نعبر عن رفضنا القطعي لحوار على هذه الشاكلة نتائجه معلومة مسبقا ومخرجاته مفروضة، يكرس التمييز والاقصاء للشباب والجهات والنساء متناسيا الفئات الاجتماعية المتضررة من اختيارات اقتصادية ليبيرالية متوحشة زادت الفقراء فقرا وتغول فيها الأغنياء. رغم تمسكنا وايماننا بان لا خروج من الأزمة الا بحوار حقيقي تشاركي ديمقراطي يقطع مع الأسلوب الهرمي التسلطي ،تكون إرادة الشعب بنسائه ورجاله وكل اطيافه هي الفصل.
  •  نجدد تمسكنا بما حققناه من مكتسبات و بما تضمنه دستور 2014 في باب الحقوق والحريات وما نص عليه من قيم انسانية كونية أهمها الكرامة والمساواة ونبذ للعنف والتمييز بين النساء والرجال وبين الجهات، ونحذر من كل تراجع في هذا المجال ونطالب بآلية لإدارة حوار حقيقي تشاركي سياسي اجتماعي اقتصادي لا تستثنى منه النسويات وينطلق من التمسك بباب الحقوق والحريات التي تضمنها دستور 2014
  • نثمن ونعترف بنضالات رائداتنا في الحركة النسوية اللواتي عبدن لنا طريق المساواة والحرية وقد خضن عديد المعارك في الكرامة ومقاومة الفقر ورافقن بثبات صاحبات الحقوق والناجيات من ضحايا العنف والتسلط كما لم يغفلن يوما الدفاع عن نساء تونس الكادحات و عن مكتسباتهن في كل المحطات والمنعرجات التي لاح فيها تهديد المكتسبات الديمقراطية والنسوية.
 
ففي 1989 خرجن في مظاهرة الحملة الانتخابية ليقلن "لا للمس من مكتسبات مجلة الأحوال الشخصية" وفي سنة 1990 أطلقن أول حملة لكسر جدار الصمت حول ظاهرة العنف ضد النساء وواصلن بثبات المسيرة للمطالبة بتجريم التحرش الجنسي في فضاءات العمل وفي المعاهد والكليات. وفي 1993 طالبن بحذف "الطاعة" من مجلة الأحوال الشخصية ونجحن في استبدالها بـ"التعامل بالاحترام المتبادل" ونادين بحق المرأة التونسية في إعطاء جنسيتها لأبنائها، كما وقفن ضد المحاكمات التعسفية وخنق الحريات وطالبن منذ نهاية التسعينات بفتح حوار مجتمعي حول المساواة في الميراث.
 
لم تتوقف الحركة النسوية في تونس يوما عن مواجهة الاستبداد فساندت الحراك الثوري منذ انتفاضة الحوض المنجمي وكن على اتصال بأيقونات الحراك ولم يدّخرن أي جهد للانخراط في ثورة الحرية والكرامة وخضن معركة الدستور وفرضن التناصف في القانون الانتخابي والمساواة بديلا عن التكامل ولم يكن سهلا تحميل الدولة مسؤولية حماية النساء التونسيات من العنف والتهميش والإقصاء. كما نددن بالحروب الامبريالية ضد الشعوب في العراق وسوريا واليمن وفلسطين، إذ كان الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية من أول تحركات النسويات في الشارع بالمساندة المبدئية لكفاح الشعب الفلسطيني واستبسال الفلسطينيات في الدفاع عن الحرية والتحرر.
 
على هذا الدرب نشأنا وعليه سنواصل مسيرتنا من أجل الحقوق والحريات والكرامة والمساواة، ومهما واجهنا من تعثرات يبقى تشبثنا بالمواطنة التشاركية والحقوق الإنسانية في كونيتها وشموليتها وبالمساواة الكاملة والفعلية، هي بوصلتنا في مواجهة السلطة الأبوية وكل أنواع الاستغلال والاستبداد وتهديد الحريات العامة والفردية.
 
ان النساء التونسيات رغم ما يعانينه من عنف وتمييز وتهميش وإقصاء في عديد المجالات لازلن يقاومن ويسعين للعمل حتى في أقصى الظروف ويجتهدن في كل ميادين الحياة ومع ذلك يرعين ويحملن أعباء المرضى والأطفال والمسنين في جل العائلات. لقد آن الأوان للتفكير في منوال اجتماعي-اقتصادي يخفف أعباء النساء ويفتح باب الحوار المجتمعي البناء من أجل الحقوق والحريات والكرامة والمساواة مع إعادة النظر في خلق الثروات واستغلالها بطريقة عقلانية وتوزيعها بطريقة عادلة وغير تمييزية مع احترام البيئة وصحة النساء وحق الأجيال القادمة.
 
ومهما تعمّقت الدغمائية وسيطرت الشعبوية فإننا لازلنا نؤمن أننا في تونس بلد الحضارة والثورات حيث مازال للعقل مكانة وللعلم علامة، تحمل علمها امرأة تونسية رياضية مثل أنس جابر أو الباحثة والدكتورة ندى الردواي ...ومعهن عاملات الفلاحة اللواتي سقين بدمائهن أوعار الطريق وسقطن من فوق شاحنات الموت وهن يتساءلن عن الكرامة والمساواة. مازال لنا بصيص أمل رغم انسداد السبل. فيا نساء تونس الحرات يا من أعطيتن درسا في النضال ومواجهة كل التحديات، ويا رجالها البررة ، لنكن على موعد ولنستيقظ من غفوتنا حتى نتصدى جميعا دفاعا عن المكتسبات ونمضي قدما لتحقيق المساواة.
 
لقد عقدنا العزم على أن نواصل النضال من أجل الدولة المدنية الديمقراطية، دولة القانون والمؤسسات راعية الحقوق والحريات،  ضامنة الكرامة والمساواة لجميع المواطنين والمواطنات دون تمييز.
 
مكونات الديناميكية النسوية المستقلة:
  • الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
  • جمعية بيتي
  • مجموعة توحيدةً بالشيخ
  • جمعيةً النساء التونسيات للبحث حول التنمية
  • جمعية مواطنة و نساء بالكاف
  • جمعية اصوات نساء
  • جمعية امل للعائلة و الطفل
  • جمعية جسور بالكاف
 

تعليق جديد

فريق التحرير




مقالات أخرى للكاتب

فريق التحرير