الاستفتاء في تونس: بين النظري والتطبيقي
مع اقتراب انتهاء الموعد المحدد لتسجيل الناخبين والناخبات للاستفتاء المزمع اجراءه يوم 25 جويلية 2022، يعتبر من الضروريفهم ماهيّة هذا الاستفتاء والإيتاء على كل جوانبه النظريّة منها التطبيقيّة سواء في تونس او في تجارب مقارنة، خصوصا وأن المسألة متعلقة بصياغة دستور جديد هو بمثابة عقد اجتماعي آخر للتونسيين والتونسيات.
وللإشارة، يعرّف الاستفتاء بأنه سؤال يتوجه به الى عموم الناخبين والناخبات حول مسألة معيّنة سواء كانت تشريعيّة أو دستوريّة، ويُطلب من المتوجّه اليهم الإجابة عن الاستفتاء بنعم أو لا أي انهم يقبلون أو يرفضون المسألة المستفتين فيها. كما ينقسم الاستفتاء الى استفتاء تشريعي وآخر دستوري. وما يهمنا نحن كتونسيين وتونسيات هو الاستفتاء الدستوري وخاصة الاستفتاء الدستوري التأسيسي منه والذي سنشهد احد تطبيقاته يوم 25 جويلية 2022.
للتذكير، عبّر قيس سعيد مؤخرا عن اعتزامه صياغة دستور جديد من أجل جمهوريّة جديدة وعيّن لجنة استشاريّة لنفس الهدف يترأسها الأستاذ الصادق بلعيد، وتهدف هذه اللجنة الى تقديم مسودّة دستور يتم عرضها على الاستفتاء يوم 25 جويلية 2022. لنجد أنفسنا أمام استفتاء دستوري تأسيسي يعتبره البعض تجسيدا فعليا لمعنى الديمقراطيّة اي حكم الشعب وتقرير مصيره مباشرة، وهو ما عبّر عنه أحمد شفتر عضو الحملة التفسيريّة لرئيس الجمهوريّة في أكثر من مناسبة. في حين يرى البعض الآخر أن هذا الاستفتاء هو استفتاء "قيصري" أي انه استفتاء على الشخص الحاكم لا على المضمون المتقدم به، وذلك في غياب المؤسسات المفترض تداخلها في العمليّة كمجلس نواب الشعب المنحل والمحكمة الدستوريّة التي لم تركّز منذ دخول دستور 2014 حيّز النفاذ.
حين يتم اللجوء الى الاستفتاء في الدول الديمقراطيّة، تسلّط عليه رقابة قبليّة وأخرى بعديّة. ونعني بالرقابة القبلية تلك التي تقوم بها المحكمة الدستوريّة على مضمون السؤال المراد من خلاله اجراء الاستفتاء وبالتالي النظر في غايته ومشروعيّته بالأساس. ويستحيل في تونس اجراء رقابة قبليّة في ظل غياب المحكمة الدستوريّة المخولة وحدها القيام بذلك.
تعليق جديد