دقت ساعة الحقيقة ... صار الوضع صعب جدا بتونس
أصدقائي صديقاتي، دقت ساعة الحقيقة ... الوضع صعب جدا ... الجوع و الحرمان يدخلان البيوت ... عيون الأطفال تسألنا ... بريئة حائرة ... الأصوات ترتفع من كل مكان لا رادع لها... الإعلام يضخم ويرتب البز ... الأيادي تستعد لافتكاك القوت بالقوة ... الشارع يتململ ... ويوما ما يخرج دون موعد.
سياسيون من عشرية الدمار - وليسوا الاغلبية احقاقا للحق - مستعدون لاتباع سياسة الأرض المحروقة ... ألم يتقربوا إلى المقيم العام الفرنسي سابقا... ألم يجتمعوا ببريمر ويأتمروا بأوامر مدام كلينتن ... منذ عشر سنوات ... جابوا السفارات الالاف مرات ... يصطادون اماكنهم اليوم و"يتلحسون" ويبيعون أوطانهم ... اغلبهم من تجار الدين ... وآخرون لا طعم لهم و لا رائحة... هؤلاء معروفين ... لن يتغيروا ابدا ... نحتقرهم ... الأجانب يحتقروهم ... يستعملونهم و يرمون بهم عند انتهاء المهمة في سلة القذارة ...
ما يهمنا اولا و أخيرا دولتنا ... لنا رئيس نظيف صادق ... تقولون عنه ما تقولون... مغرور عنيد لا يسمع احدا ... بالنسبة الي، الصدق والنظافة هما المعدن الأول لكل قيادي ... وهما الأساس في مجتمع نخره الفساد وغير فيه كل المعطيات الديمقراطية ... لكن الصدق والنظافة غير كافيين بل نحناج أيضا إلى لخبرة والحنكة والعمل بمنطق الدولة. لا للتشنج ... بل إن الفعل يفيد قبل الكلام ... ما نحتاج إليه هو : صوت لطيف، استضافة الناس ، لم الشمل .. الترفع...
تقولون ان الصدق والنظافة لا يكفيان ؟ أنا موافق ...نريد من الرئيس ان يقدم خطة واضحة دون ضباب ... ان نعلم بها في الأوان ... نريد يدا من حديد لا ترتعش ... يد قادرة على جرنا الى شاطئ الأمان. لكني اعرف في المقابل حجم الخراب الذي حصل... كل حجرة تحتها افعى .. الاختراق في كل اجهزة الدولة ... امن، ديوانة، قضاء، مالية، أجهزة رقابة .. و هذا المال الوسخ الذي يدور ويترسكل.
اعرف صعوبة "التنظيف".. ومصاعب العرقلة ... وتخفي المصالح ... والمسك المتقاطع للملفات ...كل من ازحته من منصب انتصب معارضا و تربع على الفايسبوك و اتصل بالمافيا السياسو مالية ... الا القليل النادر الذي يعرف واجب التحفظ و ناموس الدولة. لكن التنظيف و الاصلاح هذا لا يصنعه شخص بمفرده ... و لا يصنع في أشهر أو أعوام... لا يصنع ايضا دون كسر ... لا يصنع بفتح كل الجبهات ... و قد يكون قام مع التنظيف الجديد موسخون جدد ...
إنّ دورنا هو ان ننتقص من هذه الآفات... إزالتها مستحيلة... في أعرق الديمقراطيات بقي الفساد ، لكن بصورة محصورة و منظومة الردع و المحاسبة موجودة و فاعلة ... بدأ الرئيس بإعادة تنظيم الدولة و هي دون شك العمل الاول و الضروري و أولى الأولويات. لكن لا يجب ان نغرق في كل التفاصيل ولا نبحث عن تغيير كل شيء الان. يجب ترك المقترحات "البهلوانية" لايام الرخاء ان أتت كالبناء القاعدي وسحب الوكالة ، بعد الفراغ من التنظيف الاساسي الادنى.
إن الاولوية القصوى الان هي انجاح استفتاء جويلية 2022 . وفي هذا اقول للرئيس: اعرض على الناس ما يريدون ... لا تخيفهم ، و قدم لهم ما قبلوه لا غير... البقية تاتي ان صحت جدواها ... لكن لا ننسى أن قبل الاولويات هناك الضروريات. هذه الضروريات هي وجبة الطعام الدنيا، و ذهاب الابناء إلى المدرسة بانتظام في لباس مقبول و غذاء كاف، ومداوة المريض كلما استفاق في الصباح مريضا ، وايجاد عمل لمن لا عمل له و دخلا ادنى لمن لا دخل له و دخل افضل لمن دخله غير كافي ، والتنقل العمومي دون معانات و تحرش ، و قضاء ساعات من الترفيه امام التلفاز او في حديقة المدينة او في زيارة أقرباء حتى ينتقص الاكتئاب و حتى نخفف من المعاناة اليومية. هذا العمل لا يترقب.. فهل فكرنا فيه... قتلوه في عشرية خراب
أاين الحكومة اليوم ... هذا عملها ... اتركوها تعمل ... و تغيّر .. و تكون طموحة ... الاقتصاد عندها ليس عند الرئيس.
كما لا ننسى أن الضروريات لا تكون دون توفير العمل و دون الدخل الكافى ... المصنع لا يواصل عمله ما لم نحسن الانتاج و نوفر الربح و نوزع الثروة التي انتجناها بصورة ترتاح اليها كل الاطراف في المؤسسة عمال و أعراف .. كل هذا يكون اذا نحن اخرجنا الاقتصاد من الركود ... هذا الركود القاتل الذي اسسناه على مدى عشرية الخراب.
ليعلم من كان صغيرا ، او من نسى ، او من تناسى ، ان تونس كانت في افضل مراتب التنافسية في العالم . سنة 2010 كنا 32 على 180 دولة .. لم تحتاج تونس إلى مليم واحد من صندوق النقد الدولي .. لما خرجت تونس تقترض من السوق الخاصة ، تكاثرت العروض و طلب ودها كبار الممولين بفوائض متواضعة ... عندها كان هناك محمد الغنوشي و التوفيق بكار والمنجي صفرة والمنذر الزايدي وسليم التلاتلي ومصطفى النابلي وغيرهم من رجال الاقتصاد ... و كنا نحن من التخصصات الاخرى نشرك افضل الكفاءات ونؤمن الضمانات التشريعية و القضائية ونعد كفاءات المستقبل و نتعاون مع اتحاد الشغل ومع اتحاد الصناعة وبقية المنظمات والجمعيات الكبرى ونتفهم ضرورة ان تلقى هذه المنظمات موافقة هياكلها و قواعدها في كل مسالة حساسة ...
كل المنظومة السياسية أرادت ان تشارك في نجاح جويلية ... كثيرون ... بالمئاف ... و بالالاف .. قبلوا المشاركة من باب الوطنية ... من منطق الدولة الواحدة ... لكن لم يتم استغلالهم بل حصل للبعض رفضهم ...لهؤلاء الوطنيين الف تحية ... هذا من رفعة اخلاقهم ... هذه مدرستهم الدستورية ... و لمن رفضهم ، حساب اخر يضبطه التاريخ..
رجال الدولة هؤلاء لا شارع كتب باسمهم .. و لا منشأة ... و لا جسور او ساحات ... سياسة الماضي المحروق ما قمنا بها ابدا في السابق .. غيروا جامع العابدين بقرطاج و قد تفانى بن علي في بنائه و في غمرة 2011 كسرت الرخامة و غيرت باسم مالك بن انس ... هذا القادم من غياهب الشرق .. لا فكر في تونس و لا حماها ... و ما نفع البلاد في شيء ... سموا شارع في صفاقس باسم الإرهابيين ... انظروا أسماء فقهاء الخراب في انهجنا .. و من خدم تونس لا تجسيم تاريخي له ... اين الأزهر بو عوني و اين محمد الشرفي و اين عبد العزيز بن ضياء و اين عامر الحرشاني و اين و اين ... لنا البرمكي وهريرة و الشرمخي واللخبطي ... واسماء لا دخل لنا فيهم ولا دخل لهم فينا.
نعود الى جبهات البناء...
إعادة تشغيل الاقتصاد له رجاله ... و اغلب رجاله هم رجال الامس ... الكثير منهم خدموا الدولة الوطنية بكفاءة و نزاهة ... اما بعض موظفي اليوم فهو لا يفقهوا شيئا ونصبوا للقيام بدور آخر في اجندات خطيرة. واول المشاكل هو خفض الديون و سداد ما حل منها ... بداية من 2023 سوف "يفتح البوغاز".
كما توجد جريمة لم نكتشفها بعد، اذ يبدوا ان اغلب المال تبخر... ديونا و مساعدات ... وتلك الجمعيات التي تنفق اموالا طائلة وتسير في فلك المخابرات ... بعضها يعلم، واغلبها لا يعلم.
الان كل طفل تونسي يولد لا يحصل على ارث ابيه بل يجد عشرة ملايين دين على عاتقه عليه ان يرجعها للاجانب من جراء قروض لم يرى مردودها ...هل تعرف يا بورقيبة و يا بن على ماذا فعلوا باحفادكما ! اين انت يا بورقيبة و انت يا بن على ... ترتكم لنا صفر ديون و تركتم لنا تعليما و اخلاقا و وحدة نصنع بها البلاد.
جلب الاستثمار هو المحرك الفعلي لهذا الوضع لكنه اصبح صعبا امام غياب الاستقرار، بل اصبح مستحيلا امام ضباب الرؤية ... وامام بروز الخصومات للعلن بين النقابات والاعراف والحكومة... اصبح غموض القضاء فساد الادارة الحاجز القاتل.رجال الاعمال هم في اعين البعض مجرمون مصاصي دماء ؟ ... غريب هذا الفهم ... بعضهم غذى هذا الفهم والان يسير في سيارة بورش و مرسديس و اودي و ينفتح له الباب وينزل بلباس انيق و ربطة عنق ... ويقضي اسابيع في افخر النزل دون خلاص الاقامة له ولاقربائه ...
ليسوا الكل ابدا ، انما البعض ... لا اعمم .. هناك من جر جرا لهذا المستنقع ..اذا بقيت هذه النظرة للدولة نقول على البلاد السلام..
لو كنت رئيسا لقضيت ربع الوقت مع رجال الاعمال الحقيقيين ، لا مع الكناترية و المافيا ... فانا كل يوم أرى وطنية رجال الأعمال الصناديد من مختلف الأجيال و أرى حماسهم و غيرتهم ... ولم أرى تصورات للبلاد افضل و ادق و اصدق من تصوراتهم ...
دون عودة الاقتصاد لقوته لما قبل عشرية الدمار ، لا التشغل يعود و لا الاجور ترتفع و لا العيش يتحسن و لا الترفيه ممكن ... دون اقتصاد معرفي مجدد ، لا التعليم يرتقي ولا التحكم في التكنولوجيا يبقى ولا المؤسسات المجددة تحدث ... وانا أدير جامعة خاصة في علوم الهندسة و الأعمال و القانون أعي ما اقول ... اجهد الان ان اكوّن النخبة واعيد الكفاءات لتونس وانشر الأخلاق الجديدة وآمل أن أكون نجحت في ذلك ...
رايي قلته و اعيده ولا أخشى لوم لائم ... من يريد ابعادى عن مسار جويلة لن يفلح .. كل من اتى لاقناعي اقنعته بالعكس .. كل من وعدي بمستقبل افضل في مسار جديد رفضت وتوخيت الابتعاد .. صحيح ليس الموجود على احسن ما يرام ...لكن الموجود افضل مما كان بكثير ... و لا مقارنة البتة ...
اقول لمن يريد العودة الى الوراء ... اقول لمن يبادر بجولات جديدة للحوار .. اقول لمن يريد انتخابات سابقة وفق الدستور الموجود ... اقول ان قرار 25 جويلية هذا الذي نزل إليكم من السماء لن يعود ابدا ... فلا تتركوه يضيع ... لقد حصل في لحظة جنون لن تعود ، و الإقدام الذي قام به قيس لن يقدم عليه أي مدني آخر ... لو نجحتم في اخفاق مساعي قيس، فسوف تعودن إلى النقطة الصفر ... بل الى الصفر ذاته ... و سوف تعيشون خريف العمر في مستنقع 2011 دون انقطاع ...
اذا انتم اعدتم منظومة الدمار ... فلن تتغير المسرحية وانما تتغير الأدوار ... من كان منكم في مدارج البرلمان يولول و يهرول سوف يصبح في المنصة ... ومن كان منكم في المنصة يصبح في المدارج يولول و يهرول ... كل المهازل سوف تعود و بصورة أقوى ... الانحطاط الاعلامي سوف يتواصل ... الحكومات تتالى...القرار يتعطل ... الشعب يهجر ... العالم يضحك ... والمؤسسات المالية تتوقف عن كل معاملة و المستثمرين يهاجرون بأصغر حقيبة و باسرع وقت ..
الشعب فقط هو الي يعود ليئن اشهرا و سنوات ... ثم ينفجر ... و الناس تنتفض من حول الشاشات و تخرج إلى الشوارع ... في غضب منقطع النظير ...
من كان مستعجلا ويريد الانتخابات الان اعانه الله ... اخشى فقط على الدساترة الذين حشروا و نساقوا ان يندموا لما لا ينفع الندم ... ما كنا نبكي في السابق تحت الخيام ... هذا باز وليس نضالا... منذ أشهر عديدة اعرف ان القرضاوي و جمعيات أخرى في طور الغلق ... و هو ليس مشكل التونسيين الاول و سوف يأتي وقته ... نحن في الحزب الاشتراكي الدستوري وفي التجمع الدستوري الديقراطي نصنع الأفكار و نفرض الحلول و يجب ان نبقى هكذا .. نحن نقنع الناس لا نستعطفهم ... دورنا بناء الدولة لا استعطاف ناخبين ... دورنا الاتيان بالحلول لا التسول للحلول... حزبنا الدستوري كان محبوبا لما خدم الناس فاستثاقوه ... حزبنا اصبح مكروها لما خدم زعاماته و ألهها و عامة الناس يهزؤون....
تلقيت الاف الطلبات للتاسيس الجديد ، لكني تريثت خوفا من تقسيم الدستوريين التي قضيت معهم خمسين سنة مرافقة و قيادة و نضال ... ويحز في قلبي اي شرخ في الوحدة الدستورية ... انما اريد للحركة حزبا مؤسساتيا مفتوح الأيدي لا زعاماتيا اقصائيا... قاسينا من الزعاماتية الكثير وما تنتج من انحراف وتدني القيادة وضعف النضالية وانخفاض الاستقطاب ... لا نبني فقط لاننا ضد النهضة او القرضاوي ، نبني لان لنا مشروع لتونس واجندا عمل وطريقة لانتقاء الكفاءات والترشيحات ... ذاك كان سبب ضعف الحزب الدستوري وهذا كان سبب قوته ...
ثم لا ننسى ... نجحنا لاننا فتحنا الايدي و عملنا مع الوطنيين ، الشغالين و الاعراف والفلاحين وكل المنظمات الشبابية والنسائية...
معركة اليوم لا تقل أهمية عن معركة التحرير السابقة ، وفتح الأيدي هام ، والتحرك في إطار حركة وطنية جديدة اصبح عملا ملحا ...
انهي و اقول ... الحركة الوطنية الجديدة تعدّ نفسها وهي على الابواب ... لا تريد اي إقصاء ... انها تريد بناء قويا لتحدي قادم قوي ...
لحد الان ساعدت الرئيس قيس سعيد اقتناعا به وحبا له ... لا اريد منه شيئا شخصيا و لم ولن اقبل بشيء وقررت ألا أكون مستقبلا الا ناصحا للوطن دون أية مهمة رسمية ... اكتب له لا اكلمه لاني اريد ان يسجل موقفي في التاريخ ...
دورى لن يكون سوى في إطار الحركة الوطنية الجديدة ... اعلم ان النجاح جماعي ... القائد الحقيقي هو من يصنع حوله القيادات الصاعدة ... نحن من عملنا سابقا في الدولة ... من عملنا زمن بورقيبة و من عملنا زمن بن على لم نخدم بورقيبة و لم نخدم بن على .... نحن خدمنا الدولة و ضحينا من اجل تونس لا غير ... نحن نحمل أعلى الشهادات ولنا اطول وأفضل خبرة ... لم نتسلق الاسوار ولم نتملق ... لا ثروة نملكها ولا جوازات منحتها لنا دول أخرى ولا قبضنا شيكات من حكومات اجنبية أو منظمات ...
راجعوا عبر غوغل التقارير المالية لمنظمة National Endowment for Democracy الأمريكية و سوف ترون العجب... من حكموكم رؤساء وبرلمانيين ورؤساء احزاب و قيادات حزبية ومنظمات حقوق الإنسان وصحفيين نظاف ...
عشنا في تونس ونموت فيها ... ترابها احسن تراب ، وأغاني عصافيرها احلى الاغاني ...
الحراك الذي يحصر التعيينات في جماعته دون مراعات الكفاءة و دون اتباع اجراءات الارتقاء في الادارة هو حراك يسير نحو الهلاك ...
الدولة ليست كائنا هلاميا ... الدولة عند المواطن العادي هي ذلك الوزير .. هي ذلك المدير .. هي ذلك السفير .. هي ذلك الوالي وذلك المعتمد ... الدولة هي كل ذلك البشر الذي وراء المكاتب يسدي الخدمات ... ان كان الموظف كفءا متخلقا نظيفا كانت الدولة عند الناس دولة حسنة .... وان كان عبوسا مكشبرا متلهمكا اصبحت الدولة عند الناس سيئة فاسدة لا تمثلهم ويعملون على إسقاطها ... نحن نساعد بصدق و نمشي بحذر ...
اذا شعرنا ان هذا وذاك لم يتغير وواصل في نهجه ننطلق في الطريق الجديد وهو الطريق الصحيح ...
اخواني اخواتي ... لا تستعجلوا ... ساعدوا اولا ... الهدف هو اعلاء تونس سواء حصل من الاخرين او حصل منا ....
تعليق جديد