سؤال الأسبوع: كيف يمكن تعزيز التواصل بين العلماء ووسائل الإعلام لضمان نقل المعلومات العلمية بشكل دقيق وفعال؟


 

ردا على سؤالنا، أكد الأستاذ خالد النازح أن في الحقيقة هناك حلقة وصل مفقودة بين العلماء ووسائل الإعلام. فالعلماء يعيشون بعزلة في عالم من المصطلحات والأفكار والعلوم والأبحاث، هدفهم النشر العلمي في المجلات المحكمة لاغراض الترقية والترفيع او التطور الذاتي.  ويتفق معه الزميل مصطفى الحجاح أن كثيرا من العلماء يبقي اهتمامه فقط داخل الجامعات والمراكز البحثية دون توسيع دائرة التواصل لإبداء مالديهم وإعلام الناس.

لنقل المعلومات العلمية بشكل صحيح وفعال إلى الجمهور، يعتبر تحسين وتعزيز التواصل بين العلماء ووسائل الإعلام أمراً حيوياً. في عصر يتزايد فيه الاعتماد على العلم لحل العديد من التحديات الاجتماعية والبيئية، يصبح من الضروري أن تصل المعلومات العلمية إلى الجمهور بشكل مفهوم ودقيق. وهذا يتطلب اتخاذ خطوات وإجراءات محددة لضمان تحقيق هذا الهدف.

1. التدريب على التواصل العلمي:

  • أهمية تبسيط المفاهيم: يجب على العلماء أن يتلقوا تدريباً متخصصاً في كيفية تبسيط المعلومات العلمية وتقديمها بلغة يمكن للجمهور العادي فهمها. وهذا يتطلب تجنب المصطلحات العلمية المعقدة واستخدام أمثلة عملية تعكس الواقع اليومي للأفراد. على سبيل المثال، يمكن للباحثين في مجالات مثل علم الأوبئة أو تغير المناخ استخدام أمثلة من الحياة اليومية لشرح تأثيرات أبحاثهم. هذا النوع من التواصل يسهم في توصيل الرسالة بشكل أكثر فعالية ويجعل المعلومات العلمية أكثر قرباً من الناس.
  • ورش العمل والتدريب العملي: إقامة ورش عمل تدريبية للعلماء على كيفية تقديم أبحاثهم ونتائجها بأسلوب جذاب وسهل الفهم، مما يعزز من قدرتهم على التواصل الفعّال مع الجمهور غير المتخصص.

2. بناء علاقات مع الصحفيين:

  • التواصل المستمر: يعتبر بناء علاقات مستدامة وقوية مع الصحفيين من خلال التواصل المستمر والمتبادل أمرًا ضروريًا. يجب على العلماء تقديم أنفسهم كمصادر موثوقة يمكن الاعتماد عليها لتفسير أو توضيح الأبحاث العلمية عند الحاجة. يجب ألا يقتصر التفاعل مع وسائل الإعلام على لحظات الحاجة فقط، بل ينبغي أن يكون العلماء نشطين في المجتمع الإعلامي من خلال المشاركة في الفعاليات الصحفية والندوات والمؤتمرات.
  • العضوية في المجتمعات الصحفية العلمية: يمكن للعلماء الانضمام إلى مجتمعات الصحفيين العلميين لتعزيز التعاون المفتوح والمستمر بين الطرفين. هذا النوع من التعاون يساهم في تحسين جودة المعلومات المنقولة، ويضمن أن تكون دقيقة وموثوقة.

3. نشر بيانات صحفية مهنية:

  • إعداد البيانات الصحفية: البيانات الصحفية المعدة بشكل مهني تعتبر من أهم الأدوات لنقل الأبحاث العلمية إلى وسائل الإعلام. يجب أن تحتوي هذه البيانات على ملخص واضح للأبحاث يوضح الأهداف الرئيسية للبحث وأهم النتائج. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تركز البيانات على الأهمية الاجتماعية للبحث وتأثيره المحتمل على المجتمع.
  • التفاعل مع وسائل الإعلام: على الباحث أن يكون متاحًا للتواصل مع وسائل الإعلام لمناقشة تفاصيل البيان الصحفي. في بعض الأحيان، قد يتم استدعاء الباحث إلى الأستوديوهات التلفزيونية أو الإذاعية لمناقشة تطورات بحثه، خاصة إذا كان البحث ذا اهتمام كبير لدى الجمهور العام.

4. استخدام الوسائط المتعددة:

  • أهمية الصور والفيديوهات: يعد استخدام الوسائط المتعددة مثل الصور، والرسوم البيانية، والفيديوهات أمراً ضرورياً لتبسيط المعلومات العلمية وجعلها أكثر جاذبية. يمكن أن تساعد هذه الوسائط في توضيح النقاط العلمية المعقدة بشكل بصري، مما يجعل من السهل على الجمهور فهم المفاهيم العلمية بشكل أفضل.
  • دمج التكنولوجيا في التواصل العلمي: يمكن للعلماء الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في إنشاء محتوى مرئي يشرح أبحاثهم بطرق مبتكرة. على سبيل المثال، استخدام الرسوم المتحركة أو الفيديوهات التوضيحية يمكن أن يجذب انتباه الجمهور ويعزز من فهمهم للموضوعات المعقدة.

5. إنشاء مكتب للتواصل:

  • دور مكتب التواصل: يمكن للمؤسسات العلمية إنشاء مكاتب أو أقسام متخصصة لدعم العلماء في جهودهم للتواصل مع وسائل الإعلام. هذا المكتب يمكن أن يكون مسؤولاً عن كتابة البيانات الصحفية، التحضير للمقابلات الإعلامية، وتقديم المشورة حول أفضل طرق التواصل مع الصحفيين. وكما أكد الأستاذ خالد النازح، لكسرعزلة العلماء، على المؤسسات العلمية والجامعات أن تتبنى نهج جديد يتمثل بتشجيع العلماء على التواصل مع الإعلام والكتابة العلمية للعامة وأن يكون لها وزن في الترقية الأكاديمية.
  • تقديم الدعم المتخصص: يمكن لمكتب التواصل تقديم دعم مخصص للعلماء بما في ذلك التدريب على مهارات العرض والإلقاء، وتقديم نصائح حول كيفية التعامل مع وسائل الإعلام بفعالية.

من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن تعزيز الثقة بين المجتمع العلمي والجمهور. فالتواصل الفعال والمستمر يضمن نقل المعلومات العلمية بشكل دقيق وفعال، مما يعزز من وعي الجمهور بأهمية البحث العلمي وتأثيره في حياتهم اليومية.

ماذا عن الصحفيين؟

من جهة أخرى، أكد الصحفي مصطفى حجاج على ضرورة أن تجتهد وسائل الإعلام، وبالأخص الصحفيين العلميين، في الوصول إلى العلماء وكسر حاجز الصمت وإذابة جبال الجليد التي قد تعيق نشر المعلومات والحقائق والدراسات العلمية. كما شدد على أهمية التفنن في تقديم هذه المعلومات بقوالب صحفية متنوعة، مع الاستفادة من الأساليب الحديثة والمبتكرة في النشر عبر مختلف الوسائل والمنصات لضمان وصولها إلى الجمهور بشكل فعّال. وأكد حجاج على أهمية مشاركة العلماء في الصياغة الدقيقة والمراجعة العلمية، لضمان الحفاظ على جوهر المعلومة مع استخدام مهارات الصحفي في تبسيطها لتتناسب مع وسيلة الاتصال والجمهور المستهدف دون الإخلال بالمضمون. وأوضح أنه في حال عجز العلماء عن التواصل، يجب على الصحفيين بذل جهدهم للحصول على المعلومة العلمية الدقيقة.

إنّ تعاون العلماء مع وسائل الإعلام يسهم بشكل كبير في تثقيف الجمهور وتعريفهم بالإنجازات العلمية والتحديات التي تواجه البشرية. هذا النوع من التعاون يساعد في بناء مجتمع مطّلع وأكثر استعداداً لمواجهة التحديات المستقبلية. ومن خلال التواصل المستمر بين العلماء ووسائل الإعلام، يمكن تشجيع الابتكار والإبداع داخل المجتمع. فعندما يكون الجمهور على دراية بالتطورات العلمية، فإن ذلك يحفز النقاشات ويشجع على البحث عن حلول مبتكرة للمشكلات.

ويضيف الصحفي عمرو راجح أن على الصحفي العلمي اتباع مجموعة من التقنيات والنصائح لضمان إجراء مقابلة فعّالة مع الباحثين والعلماء. أولاً، ينبغي احترام وقت الباحث من خلال طرح عدد محدود من الأسئلة، ويفضل ألا يتجاوز العدد ستة أسئلة. ثانياً، يجب اختيار الوسيلة المناسبة للتواصل، مثل الإيميل أو واتساب أو الاتصال الهاتفي، مع تفضيل البدء بالرسائل لتجنب وضع الباحث تحت الضغط. ثالثاً، يجب على الصحفي الاختصار أثناء إجراء الحوار، سواء كان مسجلاً أو مكتوباً، والتركيز على النقاط المفيدة بدلاً من الدخول في تفاصيل غير ضرورية. وأخيراً، ينبغي للصحفي محاولة فهم موضوع الدراسة قبل التواصل مع الباحث لطرح أسئلة مفيدة تعزز من جودة الحوار.

ويتفق عمرو مع الدكتورة سناء جاب الله على أهمية العمل على بناء الثقة بين العلماء ووسائل الإعلام باعتبارها التحدي الأكبر. وتقترح الدكتورة سناء التقيّد بالأخلاقيات العلمية من خلال إدراجها في المناهج الدراسية أو التكوينية، وخلق منصات تشاركية تفاعلية بين العلماء ووسائل الإعلام. من جهته، يقترح الزميل محمد عمران جيري ضرورة توفير منصات للعلماء للحديث عن القضايا العلمية، على أن يقوم الصحفي بصياغتها بشكل جذاب لضمان قبولها لدى الجمهور المستهدف.

إن تحسين التواصل بين العلماء ووسائل الإعلام ليس مجرد ضرورة لنقل المعلومات، بل هو جزء أساسي من مسؤولية العلماء تجاه المجتمع. من خلال بناء علاقات قوية ومستدامة مع وسائل الإعلام وتبني استراتيجيات تواصل فعالة، يمكن ضمان نقل المعلومات العلمية بشكل صحيح وفعال، مما يسهم في تعزيز المعرفة العامة وتحقيق الفائدة القصوى من البحث العلمي.

تعليق جديد

الصحفيين العلميين في الشرق الأوسط وشمال افريقيا




الصحفيين العلميين في الشرق الأوسط وشمال افريقيا