تقديم الخبر على كونه شاحنة تحمل الجعة تم إفراغها من حمولتها بعد ما أصابه عطب فيه نية مبيتة لتتفيه القضية وكأن سرقة ماهو "حرام" حسب "دين الدولة" يجعل السرقة غير "حرام" ولا تستوجب العقوبة والتنديد.

فلنتخيل نفس المشهد في موضع آخر، شاحنة حليب تقف أمآم مقهى وينزل السائق ليدخل الحمام، أولشراء "إيكسبراس" ويدخن، ثم ينطلق، وفي الأثناء ينزل عليه "الجراد البشري" لافراغ الشاحنة.
كيف ستكون ردود الفعل عندها ؟ قطعا لا أحد سيركز مع السيدة التي تضع خمارا على رأسها وتحمل الحليب، ولا الاخرى المسنة، وستكون ثمة مجموعة تندد، ومجموعة أكبر تتبنى خطابا وكيف ان الناس جاعت في بطونهم فإظطروا للسرقة.

من بعد، تتطور القصة، ويهجمون على تاجر جملة للمواد الغذائية، ويفرغون المخزن، ونفس الشيء تجد من يبرر بكون هذا السيد يمكن ان يكون محتكرا، ويخفي السميد، و"المقرونة" والكسكسي، وهي مواد منقطعة في المتاجر.

لنغير المشهد كليا، ومواطن هشموا له شباك سيارته وسرقوا له 5 دينارات صرف، عندها تجد من يطالب بقطع اليدين والإعدام والردع القاسي والصارم. يعني طالما جريمة السرقة عمل فردي هي مرفوضة تماما، وعندما تكون عملا جماعيا مشترك في إطار "شركة أهلية للنهب و البراكاج" تصبح شيئا نطبع معه، نقبله ونبرروه، وحتى التفكه بها.

لهذا تجد كل الناس تندد بموظف يأخذ رشوة، ولا أحد يندد بالآلاف الذين يعطون رشاوي كل يوم في الشارع والإدارات، كلها تندد بالمقهى الذي إحتل الرصيف، ولا تجد من يندد بآلاف المنازل التي بُنيت دون رخصة من البلدية، ... يعني إختلال تام لسلم القيم في مجتمع أصبح يعيش بقانون الغاب.

ومن يتعجب من "المحجبة" التي سرقت صندوق الجعة، أذكركم بما أقوى من هذا في ميدان الإسلام، قتلوا الأرواح وقاموا بعمليات إرهابية، وذبحوا راعي أغنام في الجبل، يعني تقريبا رأينا ما أتعس من مشهد المرأة.