إذا كان العديد من الصحفيين في الخارج متخصصين في تغطية موضوع علمي وحيد، مثل العلوم الطبيعية والصحة العامة والمناخ والفلك والتنوع البيولوجي، فإن معظم الصحفيين العلميين في العالم العربي يغطون في الآن ذاته مواضيع مختلفة. لتجد الصحفي الذي يغطي موضوع الكورونا، يهتم أيضا بآخر الإنجازات التكنولوجية. وهذا بالطبع خيار مرتبط بعوامل  عديدة.

في الواقع، التخصص في مجال علمي محدد له عدة فوائد. أولاً، يسمح للصحفي بتطوير خبرة عميقة في مجال معين، مما قد يعزز جودة عمله. كما تمكنه المعرفة العميقة من فهم التفاصيل الدقيقة والتطورات الأخيرة في هذا المجال، مما يساهم في القيام بتغطية دقيقة ومستنيرة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤسس التخصص مصداقية الصحفي لدى الخبراء والجمهور، مما يعزز موقفه كمصدر موثوق للمعلومات العلمية. وذكر في هذا الإطار الزميل بقيل الوجيه " على الصحفي أن يكون متخصصا في أحد مجالات الصحافة العلمية ليكون خبيرا في مجال علمي وليكون أكثر مصداقية لدى جمهوره في مجاله، وتخصص الصحفي لا يمنع من تغطيته مجالات علمية مختلفة إذا توفرت لديه القدرة والمعرفة".

من جهة أخرى، قد تقدم تغطية مختلف المجالات العلمية فوائد متعددة أيضاً. يمكن للصحفي أن يكتسب رؤية أوسع للمواضيع العلمية وأن يقدم معلومات متنوعة للقراء. كما يمكن أن يكون الصحفي أكثر قابلية للتكيف مع مواضيع متنوعة، مما يساعده في تلبية فضول جمهور أوسع يهتم بمجموعة متنوعة من المواضيع العلمية.

في النهاية، يعتمد الاختيار بين التخصص والتنويع على الأهداف الشخصية للصحفي، وطبيعة الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها وقدرتها الاقتصادية وتوقعات الجمهور المستهدف. يمكن أن تفضل بعض وسائل الإعلام الصحفيين المتخصصين لضمان خبرة عميقة، في حين يمكن أن تفضل الأخرى التنويع لتغطية مجموعة متنوعة من المواضيع. وهكذا يمكن العثور على التوازن وفقاً للظروف الخاصة، مما يتيح للصحفي تحقيق الخبرة مع البقاء مرناً في تغطيته.

ويثير هذا النقاش مسألة أخرى، وهي ما إذا كان يجب على الصحفي العلمي أن يكون خريج كلية الإعلام أم كلية علمية، وهو موضوع يحتاج إلى مزيد من التفكير والنقاش، حيث ذكر المهندس خالد عنانزة (كاتب بالقضايا البيئية واستشاري بيئي)"أن الصحافة شغف وهواية أكثر منها دراسة لذلك يكون الصحفي العلمي الذي يمتلك درجة جامعية في العلوم أقدر على تقديم معلومة علمية رزينة. فالدرجة الجامعية الأولى في العلوم تمكن الصحفي من امتلاك مقومات المعرفة العلمية الأساسية". ولكن يبقى المجال مما لا شك فيه مفتوح للطرفين.