أروع عشرينية عاشها التونسيون بعد الاستقلال هي لجيل مواليد من 1956 الى 1987، فأكبركم سناً عمره الآن 66سنة ، وأصغركم سناً عمره 36.
لقد كُنتُم أكثر الأطفال تميزا بطفولتكم الممتعة التي لم يحظ بها أطفال الأجيال السابقة، لحقتم على جيلين الجيل القديم والحديث.
فولادتكم كانت في ظروف معيشية رائعة يسمونها "أيام الطفرة"، عاصرتم حروبا طاحنة كحرب العراق وإيران ، وحرب الخليج ، والحرب في أفغانستان.
فمن ذكرياتكم إفتح يا سمسم، بيل وسباسيان ، سندباد ، وماوكلي ، وريمي ، وهايدي ، والمناهل ،سيمبا، وفولترن. ، والكابتن ماجد والنمر المقنع.
تابعتم "ريا وسكينه"، "ليالي الحلمية"، مسلسل "كاسندرا" و"رأفت الهجان" وأفلاما أخرى. أما بالنسبة لألعابكم فكانت الغميضة، الخمسة (الكعبة )، البيس (الكجات) ، الدوامة، صنعتم العابكم بأيديكم.
وهواياتكم كانت صيد العصافير بالفخاخ الصغيرة أو المطالعة ، جمع الطوابع البريدية، والآن تعاصرون عالم آبل والبلاك بيري والجلاكسي.
فأنتم عشتم جيلين مختلفين.
تربيتم ( تربية الأجيال السابقة ) ، وعشتم عيشة الأجيال التالية، أظن أنكم / تعلمتم الدين الصحيح ، و ستبقون دائما مميزين. فأنتم جيل لا يخشى التقدم في السن، وأنتم تُعتبرون من أكثر الناس فهماً للحياة. هل تدرون من نحن .... ؟!!!!
نحن جيل نشأنا وتربينا على أن هناك ساعة قيلولة للأب بعد الغداء، فلا يجرؤ أحد منا على الكلام بصوت عال في البيت.
وكانت هناك قناة تلفزية تونسية وحيدة كنا ننتظر بفارغ الصبر حلقات "إفتح يا سمسم"، "نقار الزهواني"، وكنا نستمع إلى توجيهات الرئيس قبل نشرة الثامنة. وكانت "Rai 1" بالأبيض والأسود .
نحن جيل لم ينهر نفسيا من عصا المعلم، ولم يتأزم عاطفيا من ظروفه العائلية ، ولم يطالب أهله بأن يوفروا له الكماليات، ولم تتعلق قلوبنا بغير أمهاتنا.
فنحن جيل لم ندخل مدارسنا بهواتفنا النقالة، ولم نشكو من كبر حجم الحقائب المدرسية، ولا من كثرة الواجبات المنزلية.
نحن جيل لم يكتب لنا والدينا واجباتنا المدرسية، وكنا ننجح بلا دروس خصوصية، وبلا وعود وحوافز من الأهل للتفوق والنجاح.
نحن جيل إجتهد في حل الكلمات المتقاطعة، وفي معرفة إسم صاحب الصورة.
ونحن جيل كنا نلوح بكفوفنا الصغيرة للطائرة بفرح ،وكنا نلاحق بعضنا في الطرقات القديمة بأمان، ولم نخش من المجرمين واللصوص و قطاع الطرق.
نحن جيل لم نتحرش بأنثى ولم نعرف حتى معنى كلمة تحرش .. نحن جيل كنا ننام بمجرد إنطفاء المصابيح بالغرفة.
وكنا نتحدث مع بعض ولا نتحدث عن بعض، فنحن الجيل الذين كان لوالدينا ولمعلمينا هيبة، وكنا نحترم سابع جار،
ونتقاسم مع الصديق اللقمة والأسرار.
إهداء لكل من عاش تلك اللحظات الجميلة...