بيان- "لا أحد فوق القانون ولا أحد بإمكانه أن يتعلّل بماله أو بوظيفته أو بقرابته للإفلات من الجزاء". هكذا احتجّ قيس سعيّد على وضعيّة تطبيق القوانين في تونس، مؤكّدا على أنّ الجميع سواسية ولا يمكن "تطهير البلاد" إلاّ عندما تطبّق القوانين في قصور العدالة بعيدا عن أي تأثير، إلّا أنّ نصّ البيان الصّادر عن وزارة العدل بتاريخ 14 أوت 2022 والذي تضمّن ما يلي " تعلم وزارة العدل أنه عملا بأحكام المرسوم عدد 35 لسنة 2022 المؤرخ في 01 جوان 2022، بأن القضاة المشمولين بالإعفاء هم محل اجراءات تتبعات جزائية "، ممّا أكّد نيّة وزيرة العدل عدم الامتثال الى القرارات الصّادرة عن المحكمة الاداريّة القاضية بالإذن بتوقيف تنفيذ قرارات الإعفاء خصوصا بعد التثبّت من صحّة المعلومات المتداولة بخصوص إسداء وزيرة العدل ليلى جفال لتعليمات بتغيير أقفال مكاتب القضاة المشمولين بقرارات المحكمة الاداريّة.
وعليه يهمّ منظّمة أنا يقظ أن:
- تؤكّد على أنّ احترام الأحكام القضائية و تنفيذها يعتبر إعلاء لدولة القانون والمؤسّسات، وأنّ "تعطيل قرارات السلطة القضائيّة" يعتبر مظهرا من مظاهر الفساد حسب صريح الفصل الثاني من القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرّخ في 7 مارس 2017 المتعلّق بالإبلاغ عن الفساد و حماية المبلّغين ، ممّا يضرب فكرة محاربة الفساد التي إنبنى عليها الأمر الرئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان 2022 المتضمّن لقائمة في القضاة المعفيين، ويؤكّد أنّ أولويّة مكافحة الفساد التي يتبجّح بها رئيس الجمهوريّة ورئيسة حكومته بوزاراتها ليست سوى أفيون يحاول من خلاله تنويم الشّعب وصرف نظره عن ملفّات الفساد الكبرى.
- أن تُحذّر من اعتماد سياسة تلفيق الملفّات للقضاة المشمولين بالقرارات الصّادرة عن المحكمة الاداريّة القاضية بالإذن بتوقيف تنفيذ قرارات الإعفاء ومن إجراء تتبعات جزائيّة بعد صدور أحكام باتة لا تقبل الطعن بأي وجه من الأوجه، خصوصا وأنّ قرارات المحكمة الاداريّة أكّدت "عدم الإفصاح عن أسباب الإعفاء وبيان الأفعال والوقائع التي تأسّس عليها قرار الإعفاء" و "عدم وجود حكم أو تتبّع جزائي ضدّ المعنييّن بقرارات الاعفاء..." ممّا يجعل قرارات الاعفاء مفتقرة الى سند واقعيّ سليم، وما بلاغ وزارة العدل بعد صدور قرارات توقيف التنفيذ إلّا محاولة فاشلة للمرور بقوّة وفرض سياسة الأمر الواقع على القضاء الإداري وإضفاء مشروعيّة شعبويّة على تعطيل قرارات السلطة القضائية.
- أن تحمّل رئيس الجمهوريّة مسؤوليّته الكاملة بمناسبة التفافه حول جميع السّلطات، وبوصفه رأس السّلطة التنفيذية التي تسبّبت في ضياع حقوق الآلاف من المتقاضين بتردّدها وتواطؤها وفسادها، وتذكّره بوعوده بأنّه "لن يسكت على التجاوزات مهما كان الثمن" وأن تعتبر أنّه بات لزاما عليه التفكير في وضع نظام قانوني خاصّ بتنفيذ الأحكام القضائية وزجر تعطيلها ووضع حدّ لإمساك السلطة التنفيذية، التي يشرف عليها، عن تنفيذ القانون وأحكام القضاء.
- تذكّر بافتقار المنظومة التّشريعية الحاليّة إلى آليات لمواجهة الإدارة عند الامتناع عن تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة ضدّها، وعدم ملاءمة الصيغة التنفيذية الحالية مع طبيعة الاحكام الصادرة ضدّ الإدارة نظرا لانعدام إمكانية اللجوء إلى طرق التنفيذ الجبري والاستعانة بالقوّة العامّة في حالات الامتناع عن التنفيذ، وأن تدعو الى ضرورة إقرار المسؤولية التأديبيّة والمدنية وتفعيل المسؤولية الجزائية ضدّ الموظفين والأعوان والممثلين القانونيين الذين عطّلوا أو ساهموا في تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدّ الإدارة بدل التعويل على إرادة تطبيق القانون التي تعتبر معطى ذاتي غير ثابت، يتغيّر بتغيّر الأشخاص.
ختاما، تذكّر السيّد رئيس الجمهوريّة أنّ سعيه لتنقية المناخ العام من "الأدران" لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يستثني السلطة التنفيذيّة التي يترأسها، وأنّ تخطّي أزمة قطاع العدالة في تونس لا يَكمُن في الاكتفاء بإلقاء اللّوم على السّلطة القضائيّة بصفة تكاد تكون يوميّة، دون مساءلة السلطة التنفيذية عن عدم الامتثال للقرارات القضائية.