بــــيــــان- إنّ أعضاء تنسيقية الهياكل القضائية الممضين على هذا البيان ومتابعة منهم للوضع القضائي العام بعد تنفيذ عموم القضاة التونسيين لسلسلة من التحركات الاحتجاجية على إثر صدور المرسوم عدد 35 والأمر الرئاسي عدد 516 لسنة 2022 المتعلق بإعفاء 57 قاضيا خارج المسارات التأديبية ودون كفالة حق الدفاع والمواجهة، وهي التحركات التي شملت أساسا تعليق العمل بالمحاكم الذي أطلق لمدة أسبوع ووقع التمديد فيه لثلاث مرات طبق قرار المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين بتاريخ 04 جوان 2022 بحضور الهياكل القضائية وطبق قرار الجلسة العامة للهياكل القضائية بتاريخ 18جوان 2022 والتي شهدت إعلان مجموعة من القضاة المستهدفين بالإعفاء دخولهم في إضراب جوع احتجاجا على أمر الإعفاء وعلى المرسوم عدد 35 وللمطالبة بالتراجع عنهما.
وإذ يؤكّدون على تمسكهم بوحدة الصف القضائي وبتنسيقية الهياكل القضائية التي انبثقت عن الإرادة العامة لعموم القضاة العدليين والإداريين والماليين بالاجتماع العام المنعقد يوم 04 جوان 2022 وعلى التمسك بمواصلة العمل ضمنها، وإذ يوضّحون أن احتجاج القضاة جراء فظاعة المذبحة التي طالت زميلاتهم وزملائهم المعفيين دون كفالة حق الدفاع ورغم فداحة الضرر الذي طال استقلال القضاة بجعلهم يمارسون وظائفهم تحت تهديد الإعفاء بناء على تقارير أمنية ولأسباب غامضة قد كان احتجاجا مسؤولا محدد المدد أسبوعا بأسبوع طلبا للحوار وتوقعا له في كل آونة وحين بغية إيجاد حل للأزمة مع توجيه طلب للقاء رئيس الجمهورية بقي للأسف بدون جواب، بل وجوبه هذا الطلب للحوار بمزيد التصعيد عبر وزارة العدل بالتهديد والهرسلة بإنزال العقوبات بالقضاة المضربين.
وإذ تؤكد التنسيقية على نجاح تحركات القضاة التي نفذت ضمن وحدة الصف القضائي دفاعا على كرامة القضاء واستقلاله وتتوجه لعموم القضاة العدليين والإداريين والماليين بأصدق عبارات الشكر على ما أبدوه من صمود لإسماع صوت العدالة ورفع كل التباس حول عدالة القضية وإنارة الرأي العام حول الخطأ الفادح لهذا التمشي للسلطة التنفيذية في اصلاح القضاء، وإذ تسجل توفق القضاة في الإقناع بعدالة القضية في بعدها الوطني والإنساني وكشف حقيقة استهداف استقلال القضاء من خلال مذبحة الإعفاءات بما جلب لهم المساندة العريضة على المستوى المحلي والدولي وكسرت العزلة التي أُريد وضع القضاة فيها لمزيد الانفراد بهم وإنزال المظالم عليهم.
وإذ تتوجه بالشكر إلى السادة المحامين الذين ساندوا تحركات القضاة منذ انطلاقها عبر المحاكم وبمقر الاعتصام وإضراب الجوع وإلى أعضاء اللجنة المدنية للدفاع عن استقلال القضاء التي ضمت عديد الحقوقيين والقضاة والجامعيين والإعلاميين الذين بادروا بالتشكل في هذه اللجنة لمناصرة استقلال القضاء وحق القضاة في ضمانات المسارات التأديبية الشفافة والمنصفة لخطورة نزعها عنهم وعلى عموم القضاة وتركهم لهيمنة السلطة التنفيذية،
واذ تتوجه بالشكر أيضا إلى كل منظمات المجتمع المدني وإلى السادة العمداء السابقين على مواقفهم التي أكدوا من خلالها على أهمية موقع القضاء واعتبار القضاة في الدولة وعلى دعمهم في تحركاتهم من أجل الدفاع عن استقلال القضاء وعن ضمانات استقلال القضاة وحقهم في مسارات تأديبية منصفة وعادلة.
وإذ تعبّر عن تضامنها الكامل مع القضاة المضربين عن الطعام وتؤكد مواصلة الإحاطة بهم ومتابعة أوضاعهم، وتأكيدا من القضاة على أن تعليقهم للعمل لم يكن بغاية تعطيل المرفق العام وإنما لخطب جلل ومظلمة كبرى تتمثلان فيما نال القضاة المعفيين من حرمانهم كفالة حق الدفاع ومن ظلم وجور ولما حصل من تقويض لضمانات القضاء المستقل بمقتضى القرارات الرئاسية بما يهدد دولة القانون من هيمنة السلطة التنفيذية في غياب سلطة قضائية تصنع التوازن وتحمي الحقوق والحريات، وعلى إثر إيداع الطعون ضد قرارات الإعفاء لدى المحكمة الإدارية لطلب إيقاف تنفيذها وإلغائها في الأصل، وبعد التشاور مع طيف واسع من القضاة المنخرطين في التحركات والداعمين لها والمشاركين في الاجتماعات العامة والتزاما بقرار أعضاء تنسيقية الهياكل القضائية في اجتماعاتها المنعقدة خلال الأسبوع المنقضي طبق تفويض الجلسة العامة في ملاءمة التحركات حسب المراحل التي ستمتد عليها تلك التحركات، فإن أعضاء التنسيقية الممضين على هذا البيان يؤكدون مصادقتهم على قرار تعليق إيقاف العمل مؤقتا المتخذ في إطار التنسيقية بتاريخ 30 جوان 2022 ويدعون عموم القضاة للعمل بمقتضاه كما يعلنون الانطلاق في مشاورات موسعة بخصوص الأشكال النضالية الأخرى لمواصلة التحركات بدخول العطلة القضائية في إطار وحدة الصف القضائي.