بلاغ - في الوقت الذي يشهد فيه العالم تأجّج التّحركات النسويّة خاصة بعد انحسار وباء كوفيد، وفي ظل تواصل سياسات التفقير والتهميش ومراقبة أجساد النساء وحرياتهن، وفي غمرة مسارات التحرّر والانعتاق من آتون الأنظمة الدكتاتورية والقوى اليمينية والخطابات الشعبوية المحافظة، مثلما تؤكده اغلب نتائج الانتخابات والاستفتاءات ومع الضغوطات وسياسات التقشف التي يحاول فرضها كل من البنك وصندوق النقد الدوليين وما صاحب ذلك من تقهقر للخدمات العمومية من صحة وتعليم وتنقل وما نشهده يوميا من تأثير ذلك على المعيش اليومي للنساء .
فإن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، تتابع بكثير من الاستنكار ما تواجهه النساء في العالم من عنف وتقتيل وتمييز وانتهاكات لحقوقهن في جميع المجالات على غرار إلغاء المحكمة العليا الأمريكية دستورية حق النساء في الإجهاض فضلا عن ذبح ‘نيرةّ’ طالبة المنصورة في مصر من الوريد إلى الوريد بطشا بحياتها وحريتها في اختيار الشريك، ناهيك عن بشاعة العملية الإرهابية التي جدت يوم 25 جوان 2022 في أوسلو تزامنا مع شهر الفخر، مستهدفة بذلك نادي للمثليات والمثليين++، إضافة إلى قرار طالبان في فرض ارتداء الحجاب للنساء وإجبارية ارتداء المذيعات والصحفيات النقاب. دون أن نغفل عن التهديدات التي تتربص بحقوق النساء في تونس عبر السياسات العمومية المتبعة والبعيدة كل البعد عن انتظارات النساء والإقصاء الممنهج لكل المدافعات والمدافعين عنهن.
وفي هذا الظرف الاستثنائي، وأكثر من أي وقت مضى، وأمام كل هذه الانتهاكات المعولمة لحقوق النساء، ومن منطلق وعي لا يني عن الانتشار خيارا لا بديل عنه ووسيلة تجعل من قيمة التضامن الكوني، الممتد من تونس فأفغانستان إلى أمريكا ومنها إلى أوسلو ومصر وصولا إلى كل ربوع العالم، راية كل النسويات ومنهجا أساسه الربط الوثيق بين المقاومة والوعي بأن مأتى هذه السياسات المتوحشة هو السعي لفرض السلطة الأبوية بواسطة مختلف أشكال الأديان والأعراف والاقتصاديات تكديسا للثروات وتكريسا للامتيازات، تعلن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات:
- تضامنها مع كل حركات التحرر في العالم التي تجابه الاستعمار بكل تمظهراته المسلحة والمالية والذكورية وتحيي صمود الحركات النسوية ضد المنظومة الأبوية والهيمنة الذكورية في كل أنحاء العالم، ومساندتها للنساء الأمريكيات في الدفاع عن حقهن في الإجهاض والتملك والسيادة على أجسادهن إضافة إلى دعمها للنساء الأفغانيات ضحايا بطش الاستعمار الأمريكي والديني لحركة طالبان، في حقهن لنزع الوصاية على أجسادهن من كافة المؤسسات التمييزية وحمايتهن من استغلال أجسادهن وحياتهن كأداة حرب في كل الصراعات المسلحة ومطالبتها بوقف نزيف تقتيل النساء المتواصل وتحميل الدول مسؤولية ذلك فضلا عن إدانتها الهجمة الإرهابية التي استهدفت حانة للمثليين والمثليات ++ في تصد واضح لكل أنواع الفخر بما فيها الظهور العلني وخاصة الالتزام السياسي والحقوقي كمحاولة بائسة لتضييق أفق التضامن الكوني مع مجتمع الميم عين في شهر الفخر.
- رفضها لكل تراجع في مكتسبات النساء التونسيات بدعوى دستور الجمهورية الجديدة أو أي تعليل تمرر بموجبه أملاءات وسياسات البنك وصندوق النقد الدوليين مع تزايد أصوات الشعبوية وأصوات الردة للنسف بكل بديل مؤسس على أساس المساواة وعدم التمييز في القرارات وفي التمتع بالتوزيع العادل للثروات.
- تحذيرها من هذه الردة الكونية على حقوق النساء وخطورة تكاتف الرجعيات والقوى المحافظة والمعادية لحقوق النساء والحريات بترأس الولايات المتحدة الأمريكية وما تنتجه من ضرب صارخ للحقوق والكرامة البشرية.
- تأكيدها على حق النساء في حرية السيادة على ذواتهن، سواء في اختيار الشريك.ة ونزع الوصاية على أجسادهن وفي الحق في الإجهاض فضلا عن حقهن وحريتهن في الحب وفي الاختيار على المستوى الشخصي كما في الحياة العامة.
- رفضها لتشييء أجساد النساء واختزالهن في واجب جنسي إنجابي بما يعيد إنتاج الهيمنة الذكورية كانتهاكا لمواطنتهن الكاملة وامتهانا لكرامتهن الإنسانية وتمييزا ضدهن.
- تجدد مطالبتها بأهمية دسترة حقوق النساء بوصفها آلية تقي تقويض القوى الرجعية لحقوق النساء وكرامتهن وضمانة نحو المساواة التامة والحقوق والحريات، وبوضع حد فوري لهذه الانتهاكات والجرائم الجسيمة التي تستهدف حقوق النساء حول العالم. كما تدعو جميع النسويات والقوى الديمقراطية والحقوقية في العالم وفي تونس للتضامن مع كل النساء وذلك تصديا لمختلف الرجعيات وكل أشكال الهيمنة الذكورية والأبوية.