تتفاقم مشاكل النقل العمومي في تونس يوما بعد يوم بداية من اهتراء أسطول الحافلات والمترو وصولا الى الاكتظاظ في ساعات الذروة مرورا بغياب الأمن والرقابة داخل المحطات، فيلجأ البعض من المواطنين لسيارة 'التاكسي' ظنّا منه أنّها الحلّ الأنسب لكن هيهات ! فعلاقة التونسي بالتاكسي علاقة تشوبها عدّة مشاكل أزلية ولعلّ أبرزها "ماشي نفطر" و "ماكش في طريقي"؛ عبارات باتت متداولة على مسامعنا ونادرا ما نجد سائق لا يردّدها... معاناة التونسي مع سائقي التاكسي تستفحل مع مرور الزمن حيث يستغلّ الأخير موقعه ليفرض شروطه المجحفة على المواطن، تارة يجمع بين أكثر من زبون وتارة يسلك طريقا أطول ليظفر بمبلغ مالي أكبر وتارة يرفض أن يقلّ زبون بتعلّة قصر المسافة أو أنّ الحي شعبي وخطير وغيرها من الحجج الواهية. ان لم يكن التاكسي حلاّ، ولو ظرفيا، لمعضلة النقل في بلادنا، فما البديل؟
في الواقع شهدنا خلال السنوات الأخيرة انتشار تطبيقات جديدة ساهمت في حلّ أزمة التاكسي في تونس العاصمة، لاسيما خلال أوقات الذروة من بينها Bolt وTaxi216 وIndriver وغيرها من التطبقيات البعض معروف منها وبعض مازال يخط خطواته الأولى في عالم الاقتصاد المشترك Economie collaborative.
ولكنّ هذه التطبيقات شكلت في واقع الأمر عبئا أكبر يثقل كاهل المواطن مادّيا. فعلى عكس ما يظنه البعث، الأسعار التي تقترحها هذه التطبيقات هي خيالية وسعر الخدمة ضعف المتعارف عليه بالنسبة لنظام التاكسي العادي. ذلك أنه أحيانا يتم طلب مبالغ إضافية من قبل السائق بتعلّة الاكتظاظ المروري. وقد اتخرط العديد من السائقين في هذه المنظومة لتصبح عملية الحصول على التاكسي العادي شبه مستحيلة. فسائق التاكسي يفضل هذه التطبيقات لأن وراءها ربح مادي أهم.
لقد بات قطاع سيارات الأجرة قطاعا فوضويا دون حسيب ولا رقيب، والضحية هو المواطن التونسي الذي ما فتئ يدفع ثمن تقاعس وزارة النقل في تحسين خدماتها وتجديد أسطولها والقيام بدراسات حول الوضعية الهشّة التي تعانيها وسائل النقل العمومية. ففي الخارج، يوجد فصل بين خدمات التاكسي وخدمات UBER، بمعنى لا يمكن للتاكسي أن يقدم خدمة UBER. للأسف، يوجد بتونس خلط للمفاهيم بين النقل العادي والاقتصاد المشارك، لهذا نحتاج إلى إعادة مراجعة لكراس شروط لهذه التطبيقات ورفض اعتمادها من قبل التاكسيات من أجل ضمان نقل مريح للمواطن التونسي الذي بات غير قادر على الحصول على تاكسي.