أثارت تدوينة رئيس كتلة إتلاف الكرامة بمجلس نواب الشعب المنحل سيف الدين مخلوف بخصوص فرض قدّم للطلبة في معهد الصحافة وعلوم الإخبار بمادة قانون الإتصال وتعديل وسائل الإعلام اليوم 07 جوان 2022، جدلا واسعا لدى روّاد وسائل التواصل الإجتماعي "فايسبوك".
وقد تضمن الفرض المقدّم لطلبة سنة أولى الماجيستير اتصال سياسي بالمعهد سؤالا مردّه ذكر ملامح مبادرة كتلة ائتلاف الكرامة لتنقيح المرسوم عدد 116 المتعلق بحريّة الاتصال السمعي والبصري وباحداث الهيئة العليا المستقلّة للإتصال السمعي والبصري.
وتجدر الإشارة إلى أن انّ المبادرة المذكورة تضمنت ثلاثة فصول أهمها الفصل 7 مكرر منها الذي يقترح تغيير طريقة انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي والبصري من انتخاب يستوجب أغلبية معززة داخل مجلس نواب الشعب اي بـ145 صوتا الى اغلبية مطلقة اي 109 صوتا.
وقد قدّم كحل لتجاوز الشغور داخل الهيئة المذكورة وكذلك لتعويض الأعضاء المنتهية ولايتهم. في هذا الصدد يذكر ان الإتلاف الحكومي المنتمي اليه ائتلاف الكرامة يحضى بهذه الأغلبية المطلقة وبالتالي فإن مرد هذا التنقيح هو تسييس الهيئة وذلك بانتخابهم من قبل الحاكمين في تلك الفترة دون سواهم، والحال ان اشتراط الأغلبيّة المعززة منذ البداية كان لضمان استقلالية الهيئة عن اي سلطة حاكمة. هذا مأكدته عديد منظمات المجتمع المدني كنقابة الصحفيين ومنظمة المادة 19.
شبهة تضارب مصالح
ويشير الفصل 12 مكرر من المبادرة التي تقدمت بها إئتلاف الكرامة الى الغاء نظام الاجازات المعتمد لمباشرة وسيلة اعلام سمعية بصرية ما عملها بعد استفائها الشروط المنصوص عليها بكراس الشروط الخاص بكل طبيعة نشاط تقدمت به الوسيلة الإعلاميّة الى نظام التصريح حيث يصبح كل من يرغب ببعث وسيلة إعلامية فضائية اي تلك التي تبث عبر الأقمار الإصطناعيّة ولا تستغل الترددات الهيرتيزيّة الوطنية ،مطالبا فقط بالتصريح بوجوده.
وهو ما سيشكل خللا في المشهد السمعي البصري، اذ ان هذه القنوات ورغم بثها لمحتوى موجه الى التونسيين سواء في الأيام العاديّة او خلال الزمن الإنتخابي، ستكون في حل من كل رقابة مسلّطة عليها، سواء رقابة ماليّة او أدبيّة وأخلاقيّة. ولن تسطيع أي جهة منع هذه الوسائل المحدثة بتصريح من ممارسة الدعاية السياسيّة الممنوعة قانونيا لأي جهة سياسيّة. وبالتالي في ذلك تشويه للديمقراطيّة وضرب للمعايير الدولية للصحافة حسب ما اعتبره فوزي الغيلوفي عضو المكتب التتفيذي للنقابة الوطنيّة للصحفين في تصريح له.
وقد صادقت لجنة الحقوق والحريّات بمجلس نواب الشعب المنحل يوم 08 جويلية 2020 التي ترأسه نائبة من كتلة قلب تونس على هذه المبادرة مما جعل منظمة "انا يقظ" تعتبر ذلك شبهة تضارب مصالح حيث أن النائبة تنتمي الى حزب يرأسه رئيس قناة مخالفة للقانون، وذلك في اشارة من المنظمة الى نبيل القروي وقناة نسمة.
تنقيح لهيئة وقية على حساب هيئة دستوريّة
جاءت هذه المبادرة لتنقيح فصول وردت بالمرسوم 116 الذي يحدث هيئة وقتيّة لتعديل وسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة الى حين تركيز الهيّئة الدستوريّة المنوط بعدتها نفس الهدف والتي اشار اليها الدستور في فصله 127 من بابه السادس تحت عنوان الهيئات الدستوريّة.
وعوض أن يتم تركيز هذه الهيئة الدستوريّة، فإن التنقيح يشجع على البقاء في ماهو مؤقت علما وأنّ هذه المبادرة تأتي بعد ست سنوات من دخول دستور الجمهوريّة لسنة 2014 وتقريبا بعد سنة من العمل البرلمان للنواب المنتخبين إبّان الإنتخابات التشريعيّة لسنة 2019 اي أنه كان من الأجدر السعي نحو تركيز هيئة دستوريّة دائمة.
وقد أوضح نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، القاضي عمر الوسلاتي في تصريح له أن هذه المبادرة هي تعدي صارخ للدستور وتسعى الى حماية وسائل الإعلام الخارجة عن القانون في اشارة منه الى قناتي نسمة والزيتونة.
كما تجدر الإشارة الى أن كل من كتلة قلب تونس وحركة النهضة دعّما هذه المبادرة. وقد تم عدم تمرير هذه المبادرة نظرا لرفض طيف واسع من الأحزاب وجمعيّات ومنظمات المجتمع المدني ومن عموم الصحافيين.