" قسما برب الوجود تونس لن تعود " ... لا تغركم خلافاتهم و صراعاتهم السابقة، ولا يخدعكم تبادلهم السباب أو اللكمات فيما بينهم، فجميعهم أبناء منظومة واحدة، والمنظومة كانت مكتملة بحكامها ومعارضيها وبيمينها و يسارها ونقابيين و أكاديميين ومجتمع مدني.
الوليمة لم تكن سوى جثة تونس الضحية التي ذبحوها بدستور سموه أفضل دستور في العالم والمقصود أنه افضل دستور يضمن مصالحهم عبر نظام سياسي برلماني مهمته نهش الدولة وتوزيع ثرواتها وصلاحياتها وسيادتها فيما بينهم تحت غطاء برلمان و هيئات مستقلة.
كان نصيب الحاكمين الاستيلاء على الحكومة مالا و نفوذا وسلطة و نصيب المعارضين بعض المقاعد في البرلمان أو المجالس البلدية ونصيب النقابيين جزء من التعيينات لأبنائهم صلب الوظيفة العمومية وصلب مؤسسات وهمية تسدي راتبا بدون مقابل مثل شركات البستنة والبيئة، و نصيب الأكادميين و الجامعيين و الحقوقيين عمولات و سفرات للخارج وإقامات في افخر النزل تحت مسمى ندوات و محاضرات حول الديمقراطية والحرية واللامركزية ونصيب المجتمع المدني تلك الأموال المشبوهة المتدفقة من الخارج عبر جمعياتهم.
صحيح أن الصراع كان محتدما وعلى اشده فيما بينهم لأن توزيع الوليمة بينهم لم يكن عادلا ولو أن جميعهم أخذ نصيبه منها، فبعضهم إستأثر باللحم والبعض إقتات من الشحم والباقي "مشمش" العظم.
لكن بمجرد أن أصبحوا مهددين بسحب الوليمة منهم وبإعادة الحياة إلى الضحية عبر تغيير أتعس دستور في العالم و عبر المرور إلى نظام رئاسي يعيد للدولة صلاحياتها و سلطتها وهيبتها، تجمع الجميع تحت سقف واحد واتحد آكل اللحم بمبتلع الشحم و "بممشمش" العظم وصاحوا بأعلا أصواتهم: " قسما برب الوجود تونس لن تعود "