ارتأت الجمعية التونسية للقانون الدستوري والجمعية التونسية للعلوم الإدارية أنّه من الضروري تنظيم يوم دراسي يوم الثلاثاء 10 ماي بالنزل الكبير بالمنزه السادس، لتحليل ومناقشة أحكام مشروع المرسوم الجديدالمتعلق بتنظيم الجمعيات وذلك مساهمة منها في اثراء النقاش القانوني حوله وإنارة الراي العام حول مصير حرية الجمعيات في تونس. ويشارك بهذا اللقاء ثلة من الخبراء والجامعيين على غرار سلوى الحمروني، رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري ونهى الشواشي، رئيسة الجمعية التونسية للعلوم الإدارية وأمين ثابت إضافة إلى ممثلين عن بعض الجمعيات: مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية البوصلة وجمعية تالة متضامنة.
ويكرس الدستور التونسي في توطئته وفي الباب الثاني منه المتعلق بالحقوق والحريات جملة من الأحكام الضامنة لحق التنظم على أساس التعددية وحق تأسيس المنظمات والانتماء اليها. ويمثل تكريس هذه الحقوق الضمانات الأولية والأساسية التي يجب أن تتوفر في الدولة حتى يتسنى للأفراد المشاركة في الشأن العام في مناخ ديمقراطي سلمي.
كما يعتبر مدى التزام السلطة الحاكمة باحترام هذه الحقوق والسعي الفعلي الى تكريسها وضمانها من أهم المعايير المعتمدة لتحديد الطبيعة الديمقراطية لنظام الحكم من عدمها. فلئن كانت دسترة هذه المبادئ والاحكام من شأنها ان ترسم الملامح العامة لطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكومين الا أن التشريعات التي يتم اتخاذها في هذا المجال هي التي من شانها ان تحددها عمليا.
وفي تونس، مثل المرسوم عدد 88 لسنة 2011 والمتعلق بتنظيم الجمعيات مكسبا هاما من خلال المنحى التشاركي الذي اعتمد لصياغته، والتوجه التحرري والمنفتح الذي كرسه في مختلف أحكامه ولما حققه تبعا لذلك من قطيعة مع التوجه التعسفي للسلطة الذي كان مكرسا في القوانين الأساسية المتعلقة بالجمعيات تحت طائلة دستور 1959 والقانون الأساسي عدد 154 لسنة 1959 المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 و الذي سمح بإحكام السيطرة على العمل الجمعياتي. وقد أسهم تطبيق هذا المرسوم في نشأة وبلورة مجتمع مدني فاعل.
لكن كمجمل القوانين التي تم اتخاذها منذ 2011، كانت هناك إرادة سياسية في عدم تطبيق كل مقتضيات المرسوم وخاصة المتعلقة منها بمراقبة احترام الجمعيات للمنظومة القانونية وللمبادئ التي جاء بها المرسوم عدد 88 مما أدى الى معاينة العديد من التجاوزات والتي ترتقي إلى مرتبة الجرائم من قبل بعض الجمعيات التي استغلت ضعف الدولة وتساهلها مع المخالفين للقانون.
اليوم، ونحن في حالة استثناء دستوري، تتوجه الحكومة الى إلغاء المرسوم عدد 88 واتخاذ مرسوم جديد لتنظيم الجمعيات. ويتّضح من خلال المشروع أنه يضيف جملة من القيود على الجمعيات فيما يتعلق بشروط تأسيسها وتنظيم عملها وطرق حلها وتقليص موارد تمويلها.