إن الزواج العرفي لا يمكن أن يكون حل ولماذا يبقا مرفوض في ظل عيشنا في مجتمع مدني تحكمة ضوابط وقوانين، لاسيما للآثار الاجتماعيّة المترتّبة عليه. فانتشار ظاهرة الزواج العرفي وخاصة بين الشباب الجامعي من الجنسين تعد ظاهرة من أخطر الظواهر التي من شأنها تدمير أواصل هذه الأمة وتخريج أجيال ممن لا يعرفون لهم أباً أو أماً هي أجيال تعد من اللقطاء.
وتتعدّد آثار الزواج العرفيّ الاجتماعيّة وتختلف في كثيرٍ من الأحيان، نذكر منها:
- من الناحية القانونية: عقد الزواج العرفي سواء كان محرراً أو شفهياً، فإنه لا يترتب عليه أيّ حق لأي من الزوجين تجاه الآخر فمثلاً لا يحق للمتزوجة عرفياً أن تطالب بنفقة من زوجها، كذلك لا يحق لأي من الطرفين المتزوجين عرفياً أن يرث الطرف الآخر عند وفاته، ولكن يعتد به إثبات نسب الأبناء.
- من الناحية الدينية: يعتد به شرعياً طالما توافرت فيه شروط العقد الموثق من قبول وإيجاب، وألا يكون أحد الطرفين فاقداً للأهلية (كالمجنون أو صغير السن)، وتوافر ركني الإشهاد (وجود شهود عدل إما رجلين أو رجل وامرأتين)، وكذلك الإشهار أو الإعلان لكل من يعلم وكل من يريد العلم، وتلك هي النقطة مثار الجدل في موضوع الزواج العرفي حيث أن من يلجأ لتلك الطريقة يكون من أجل السرية والكتمان، فهو إما أنه لا يستشهد بشهود على الإطلاق أو يستشهد باثنين من معارفه مع توصيتهما بالكتمان وبالتالي فإن الزواج في هذه الحالة يكون باطلاً، وهناك عدد من الأحاديث الشريفة التي توجب إعلان الزواج، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " أعلنوا النكاح ولو بدف " وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح: خاطب وولى وشاهدا عدل ". وإضافة لما سبق فإن بعض العلماء يرون وجود التوثيق في الزمن الحالي وفي المجتمعات الكبيرة حتى لا يكون هناك مجال للتلاعب بالأعراض.
- من الناحية الاجتماعية: في ذلك الجانب فإن الزواج العرفي يثير عدداً من المشكلات الاجتماعية حيث أن البعض يستغله كوسيلة للتغرير بالإناث لرغبات طارئة ثم يتبرأ ويتنصل من ذلك العقد. وكذلك في مجال الميراث خاصة إذا كان الزوج متزوجاً بامرأة أخرى زواجاً رسمياً مما قد يؤدى إلى إثارة العديد من المشكلات والمنازعات التي تؤثر على ثبات واستقرار الأسرة والمجتمع.
وما سبق ذكره من مشكلات قانونية تنعكس بالتالي على مختلف جوانب المجتمع. هذا إلى جانب ما ظهر أخيراً من استغلال الزواج العرفي للتستر على شبكات الدعارة والأعمال المنافية للآداب. وفي إطار الزواج العرفي، يتمّ:
- تضييع الكثير من حقوق الزوجةوالذريّة: فالزواج بطبيعة الحال تترتّب عليه حقوقٌ وواجباتٌ؛ أمّا إن كان عُرفيّاً ؛ فإنّه يؤدّي إلى فقدان تلك الحقوق، فهو غير معترفٍ به رسميّاً. كما أنّ الأولاد يحتاجون للتربية والمعونة وأداء حقوقهم؛ فيٌهضَم حقّهم في الزواج العرفيّ بإنكار الزّوج له أو بغيابه عنهم، كما أنّ الزوجة تكون عاجزةً من أن تتمثّل للمحكمة الشّرعيّة للتفريق، وللمطالبة بحقّها وحقّ أولادها.
- حرمان الأولاد من الحياة في كنف الوالدَيْن وفي رعايتهم؛فلا معاني للمودّة والرحمة والسكينة في الزواج العرفيّ، وبذلك تغيب مقاصد الشّرع من الزواج العرفيّ.
- تفكّك بُنية المجتمع؛ فقد يولد الأخ دون أن يُعرف أباه أوأخاه أوأمّه.
- انتشار القدوات السيّئة بين الشباب والفتيات في مثل الزواج العُرفيّ.
- حصول الكثير من المخالفات؛ مخالفةٌ لأمر الشّارع، ثمّ لأمر الحاكم؛ إذ واجب الاتّباع والطّاعة والسمع في غير معصية الله -عزّ وجلّ-.
- الانفصال بين الزّوجين حال حصول مشاكل بين الزوجين؛ فلا يوجد هناك طلاقٌ إلا بعد زواجٍ معترفٍ به رسميّاً.
وتتشكلّ آثار الزّواج العُرفيّ السيئة على المجتمع الإسلاميّ في محورَيْن أساسيَيْن، وهما كالآتي:
- كثرة الإشكالات التي تكون قبل الزواج من عدم توثيقه، فقد ينفي بكُلّ سهولةٍ أحد الزوجَيْن أنّه متزوجٌ من الآخر؛ ممّا يؤدّي إلى عدم إثبات عقد الزوجيّة بأي شكلٍّ من الأشكال.
- الحالة السريّة التي تسبق وتلي الزواج العرفيّ، فالأصل في الزواج الإشهار والشهود وغيره، لكنّ غياب هذه الشروط يؤدّي إلى كتمان الزواج وإخفائه؛ ممّا يشكّل العديد من العوائد السلبيّة على كلا الزوجَيْن، وعلى ما ينتج عنهما من أولاد، فهاك ضياعهم وتشتّتهم وفسادهم بعدم التربيّة