كنت قد ذكرت قبل يومين أن إدارة بايدن وجدت نفسها أمام حتمية الإختيار بين قرارين كل منها أصعب من الآخر : إما عدم حظر صادرات النفط الروسية وبالتالي تمتع بوتين بعائدات ضخمة خاصة مع إرتفاع أسعار النفط التي ستتخطى حسب التوقعات حاجز 200 دولار للبرميل، أو حظر صادرات روسيا النفطية المقدرة بستة ملايين برميل يوميا. وهذا ما قرره بايدن فجر هذا اليوم. وكانت الإدارة الأمريكية تأمل في تطبيق الحظر منذ اليوم الأول للحرب مثلما كانت تأمل في أن يتم تعويض حصة روسيا في السوق عن طريق السعودية حليف أمريكا المعتاد. لكنها صدمت برفض بن سلمان الترفيع في حجم الإنتاج إلا بشروط مجحفة أهما ضمان دعم أمريكا للسعودية في حربها على اليمن وإيقاف جميع الملاحقات القضائية في أمريكا لبن سلمان على خلفية ضلوعه في مقتل خاشقجي وطلب توضيحات من أمريكا في خصوص تقاربها مع إيران في الفترة الأخيرة.
أمام تعنت السعودية والإمارات، إتجهت أمريكا إلى إيران من أجل إغراق السوق بالنفط والغاز الإيراني لكن هذه الأخيرة أرادت أن تستغل الظرف وتتحصل على تنازلات أمريكية في المفاوضات الدائرة بجنيف حول البرنامج النووي لإيران. وقد أدركت إدارة بايدن أن أي تنازلات تقدمها لإيران ستقابلها إحترازات إسرائيلية و خليجية. لم يتبقى لأمريكا إلا الخيار الأخير الذي يرفضه غالبية الشعب الأمريكي وهو وضع يدها في يد عدوتها اللاتينية فينيزويلا وتخفيف العقوبات المفروضة عليها ومنها إعادتها لنظام swift وكذلك غض الطرف عن تجاوزات حكومة مادورو الغير معترف بها أمريكيا. وقد اختارت إدارة بايدن مواجهة داخلية مع معارضيها من الحزب الجمهوري على المواجهة الخارجية مع إسرائيل ودول الخليج.
وما يمكن إستخلاصه هو أنّ عهد سيطرة أمريكا على مراكز القرار في دول العالم قد ولى بلا رجعة وهذا ما تجلى في رفض الإتحاد الأوروبي لتطبيق الحظر الكلي لصادرات الطاقة الروسية. وإكتفت الدول الأوروبية بفرض حظر تدريجي تجلى من خلال رفض دول أوبك+ الترفيع في حجم الإنتاج. واللافت للإنتباه أيضا ما نشر اليوم بـ Wall Street Journal حول رفض بن سلمان وبن زايد حتى التحادث مع بايدن منذ بداية الحرب في أوكرانيا.