على بعد مسافة 7.5 كيلومتر من وسط مدينة قفصة، تقع منطقة صغيرة اسمها لالة. تتكون هذه المنطقة من أربعة أحياء حضرية كبرى أشهرها حي عين سلطان الذي تميز بمياهه العذبة النابعة طبيعيا. هي إحدى المناطق البلدية من ضمن الخمس بلديات المحدثة في ولاية قفصة منذ 2015، والتي تضم ما يقارب 11 ألف نسمة. وكان سكانها يأملون في بداية جيدة لمنطقتهم إثر الاستقلالية الترابية بعد أن كانت تابعة لبلدية القصر المجاورة، إلا أن الأوضاع الحالية التي تعيشها بلدية القصر وحتى بعد الانتخابات البلدية في 2018، لم تتحسن كما توقع المواطنون. هذا الأمر دعانا للتحول على عين المكان ومحاولة كشف الأسباب التي حالت دون تغيير الأوضاع في هذه المنطقة منذ 2015. ولم يمنعنا ذلك من تقييم أداء المجلس البلدي الحالي لبلدية لالة من خلال التساؤل عن أهم المشاريع التي تشتغل عليها بلدية لالة ورأي المواطنين في أداء بلديتهم وأسباب تواصل التهميش بهذه البلدية.
قمنا في بداية الأمر بتوجيه استبيان الكتروني إلى مواطني بلدية لالة عبر صفحات ومجموعات خاصة بهذه البلدية، بالفايسبوك. لكن لم نتلق ردودا كافية فالتجأنا إلى توزيع هذا الاستبيان على أرض الميدان. وشارك بهذا الاستبيان 33 مواطنا من بينهم 11 امرأة، . وكان هؤلاء المواطنين قد شاركوا بالإنتخابات البلدية الفارطة التي التأمت في ماي 2018. وتراوحت أعمارهم بين 29 و 73 سنة. وقد تمحورت أسئلة الاستبيان عن مدى رضا المواطنين عن أداء المجلس البلدي الحالي لبلدية لالة والمشاريع التي يشتغلون عليها ما إن كانت تهمهم وتلبي حاجياتهم كمواطنين وعن ظروف العمل البلدي.
مشاريع بلدية لالة: 57.6% من المواطنين راضون عنها
تمثلت مشاريع بلدية لالة في الإصلاحات والتهيئة العمومية على غرار التعبيد والترصيف والتهذيب والإنارة. وهي مشاكل لطالما عانت منها المنطقة على حد تعبير بعض المواطنين، وكانت محور اهتمام جل القائمات الانتخابية المترشحة في 2018. وكان المجلس البلدي قد استهل أعماله سنة 2020 بإطلاق مشروع تهذيب حي عين سلطان بكلفة تقدر 3 مليون دينار، ومازال ساري الاشتغال، في حين تبرمج لسنة 2021 مشاريع تهيئة أخرى، كما هو مبين في الرسم البياني التالي، إلا أن انطلاقها تأجل إلى إلى السنة الحالية نظرا لعدة ظروف.
وفي سؤالنا عن مدى اهتمام المواطنين بالمشاريع التي برمجها المجلس البلدي الحالي منذ بداية عهدته، انقسمت الآراء بين من تمثله هذه المشاريع رغم تواضع الظروف ومحدودية الإمكانيات بنسبة 57.6% وبين من أنكر أهمية هذه المشاريع ورأى أنها لا تمثله بنسبة 42.4%.
البلدية كمسؤول أساسي عن أدائها السيء
وفي متابعة لهذا التقييم، وددنا أن نتعرف على الأسباب التي تقود المواطنين لعدم الإلمام بالمشاريع التي تشتغل عليها البلدية حاليا، إمّا تقصيرا من جهة البلدية في حد ذاتها أو أن هناك أطراف خارجية عطلت العمل البلدي. فكانت الإجابة مقسمة بين 66.7% الذين أكدوا وجود أسباب خارجية عطلت العمل البلدي في حين أن 33.3% أقروا أن البلدية هي المسؤول الأساسي عن هذا التقصير.
وعبر عدد من المواطنين عن استيائهم من إغلاق مقر البلدية بسبب اعتصام قاده بعض المحتجين المطالبين بالتشغيل، مما اضطرهم إلى التنقل إلى البلدية المجاورة بلدية القصر أو بلدية قفصة المدينة لاستخراج الوثائق والتمتع بالخدمات المدنية، فيما انتقل المجلس البلدي للاشتغال من مكتب في مقر ولاية قفصة في مرحلة أولى ثم من مكتب في إدارة الفلاحة. الأمر الذي صعب انعقاد المجالس البلدية وقطع التواصل المباشر بين المواطنين وأعضاء البلدية.
وفي سؤالنا حول رأي المواطنين حول الأداء البلدي اجمالا، تنوعت الإجابات بين 24.2% أجابوا بأن الأداء جيد و21.2% أجابوا بأنه متوسط أما النسبة المتبقية والتي مثلت تقريبا ضعف الإجابتين السابقتين 54.5% كان رأيهم أن أداء المجلس البلدي الحالي سيء.
من جهته، أخبرنا المواطن طارق الجمال أن الأمر لا يقتصر فقط على الأداء البلدي بل أن هناك نقص على مستوى الوعي الاجتماعي حيث أنه يرى أن تحسن الأوضاع تكمل في تظافر الجهود بين الطرفين على حد تعبيره، وقدم طارق عدة حلول للمجلس البلدي آملا في التحسين ومؤمنا بالقدرات الشبابية في بلديته رغم صعوبة الظروف، فيما رأى خالد سوالمية أن الأداء البلدي ضعيف والبلدية لم تقم بواجبها حسب قوله. واستاء خالد من نقص الإنارة العمومية خصوصا في الشوارع الرئيسية مما يسبب في الحوادث والبراكاجات.
مشاريع متنوعة في الأفق للمجلس البلدي
وفي انتقالنا إلى مقر إدارة الفلاحة أين يشتغل المجلس البلدي الحالي لبلدية لالة، التقينا برئيسة بلدية لالة، السيدة مبروكة بوزيان التي حدثتنا عن المشاريع الجاري الاشتغال عليها مثل مشروع تهذيب حي عين سلطان والذي يمثل المنطقة العليا لمنطقة لالة من شارع البريد إلى شارع عين سلطان. هذا مشروع انتظره المتساكنون كثيرا حسب قولها.
وتعهدت السيدة مبروكة بوزيان بإنجاز عدة مشاريع مهمة في السنة الحالية من شأنها تحسين الأوضاع منها مشاريع تهيئة ستشمل تعبيد شارع مقبرة الشهداء وصولا إلى حي حشاد إلى حدود منطقة الدريبة. إلى جانب ومشاريع ترفيهية ستشمل منتزه حضري بالإضافة إلى المستودع البلدي ومقر البلدية. كما تحدثت عن مشروع الإنارة الذي سيشمل الأحياء الكبيرة والشارع الرئيسي وسيكون الانطلاق الفعلي لهذا المشروع بداية من شهر مارس القادم لمدة شهرين. وتعهدت أيضا بإطلاق مشروع تعبيد وترصيف لكامل أنهج منطقة لالة بقيمة مليون و300 ألف دينار بداية من مارس القادم.
لكن لم تفوت الفرصة أيضا لتعبر عن استيائها من غلق مقر البلدية الأصلي من قبل معتصمين مطالبين بالتشغيل الأمر الذي عطل عديد الأشغال حسب تعبيرها، وعطل المواطنين في التمتع بحقوقهم مشيرة إلى أنها حاولت في أكثر من المرة التفاوض مع المعتصمين وإقناعهم بالظروف المتواضعة التي تعيشها البلدية وأن الميزانية ضعيفة لا تتحمل سداد أجور إضافية، لكن هذه المحاولات آلت دون الوصول إلى حلول.
ملاحظة: هذا العمل جاء في إطار برنامج "مراسلو الديمقراطية المحلية مراسلون" الذي تنظمه المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية IFES.