كتاب "بورقيبة الغائب الحاضر" لصاحبه ماجد البرهومي هو مولود طريف عجيب لن تجد سردا تاريخيا للأحداث كما جرت العادة في كتب التاريخ. هو ليس أيضا بكتاب في السياسة وواقعها ولا في القانون وعلومه ولا في العلاقات الدولية واكراهاتها بل يتجاوز هذا الكتاب كل التصنيفات التقليدية.
وأنت تتصفح هذا الكتاب، ستلامس خصوصية التجربة التونسية في بعديها الحضاري والتاريخي، المعاصر والبعيد. كما يختلط فيه الموضوعي بالذاتي والمنطقي بالعاطفي في خلطة سحرية تعانق العقل والوجدان في نفس الوقت.
كما تختلط في هذا الكتاب الأزمنة أيضا، إذ يتبادل الماضي والمستقبل الغياب والحضور ويتواجدان معا في اللحظة ذاتها يقارعان الحاضر ويستفزانه، ويجبرانه على ازالة قناعه كاشفا عن نفسه وعن غموضه.
إن "بورقيبة الحاضر الغائب" كتاب في الثقافة والسوسيولوجيا أيضا، يكتشف القارئ من خلاله بورقيبة كشخصية محورية في تاريخ تونس المعاصر. وهو في الحقيقة ليس الا ابن بيئته بامتياز، ومع ذلك يتعرض ارثه إلى محاولة الطمس ويتأرجح شخصه بين نكران الجميل المحلي والتقدير الدولي.
باختصار شديد أبدع صاحب الكتاب الجريء ماجد البرهومي في مقاربة الصيرورة التي تجيبنا عن سؤال ذكي وعميق هو : كيف أصبح بورقيبة بورقيبة؟