حين تكون أعمال المناصرة والبحث وصياغة البدائل والتعبئة الميدانية مكاسب لا بدّ من تعزيزها والبناء عليها وعدم التفريط فيها رغم صعوبة المرحلة


اختتمنا يوم الاحد 12 ديسمبر 2021 مؤتمرنا الوطني للحركات الاجتماعية والمواطنية بمشاركة 600 ناشط(ة) شبابي(ة) وجمعياتي(ة) وباحثين/ت يمثلون أكثر من 72 جمعية و 37 حركة شبابية واجتماعية و بعد إتمام أعمال الورشات ونقاشات فضاءات التقاطع والتّضامن وبعد الندوة المفتوحة التي تخللته حول الحركات الاجتماعية والمجتمع المدني ومستقبل الديمقراطية بعد منعرج 25 جويلية 2021.

 
لقد انعقدت هذه الدورة التي حملت اسم الفقيد مالك الصغيري في ظرف سياسي واجتماعي دقيق مليء بالرّهانات والتحديات التي لا تحتمل الـتأجيل، ولقد وقفنا خلاله على مدى الزّخم الذي لا يزال يعتمل داخل الحركات الاجتماعية الشبابية والمدنية والخطوات الهاّمة التي قطعتها منظمات المجتمع المدني على امتداد العشرية السابقة في تعهدها بمختلف القضايا الخصوصية التي تناضل من أجلها في مجالات الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومجالات حماية الحريات العامة والفردية وتحصين الديمقراطية وتجذيرها. ولقد بينّ كلّ الفاعلون والفاعلات أن أعمال المناصرة والبحث وصياغة البدائل والتعبئة الميدانية تعد مكاسب لا بدّ من تعزيزها والبناء عليها وعدم التفريط فيها رغم صعوبة المرحلة الحالية.
 
وبقدر ما سجّلنا هذه العلامات الدّالة على حيوية المجتمع وقدرته على الدفاع عن نفسه بالأشكال السلميّة والمدنية فإننا نقرّ بان حصيلة العشرية الماضية كانت ضحلة. فهي وان حققت في بداياتها تقدّما على المستوي السياسي فإنها لم تفض إلى تغيير فعلي في السياسيات الاجتماعية والاقتصادية الموروثة مما قبل 2011، حيث لا تزال مطالب التشغيل والتنمية العادلة والحدّ من الفوارق الجهوية والطبقية والحق في المساواة في قلب مطالب الحركة الاجتماعية التي ما انفكت تعرف موجات تعبئة متعاقبة.
 
بل إن تفشي الفساد غير المسبوق ومؤشرات عودة التسلط الأمني وتوظيف القضاء والوصم السلبي لنشطاء الحراك الاجتماعي والمدني وتكرار انتهاكات حقوق الانسان وتواصل الافلات من العقاب يجعلنا نكاد نعود الى نقطة البداية بعد عشرة سنوات لم تجن منها قوى الثورة وقوى التغيير الديمقراطي والاجتماعي نتائج فعلية ولا تبدو رغم كلّ تضحياتها منظمة ومؤهلة للعب دور بارز في فرض تغيير جذري يحقق مطالبها.
 
إن أهم دروس المرحلة بكلّ مخاضاها الاجتماعي والسياسي تبقى بالنسبة الينا هي اختلال موازين القوى لفائدة خصومنا ممن يريدون نسف مكاسب الثورة واعاقة تقدمها نحو مسارها التاريخي حتى تكون مدخلا للتغيير الاجتماعي العميق لفائدة عموم الشعب لا لفائدة أقلية متنفّذة.
 
إن المؤتمرين والمؤتمرات وعيا منهم بالدوّر الذي أوكلوه لأنفسهم يعلنون في ختام هذا اللقاء أنهم حريصون وحريصات على رعاية هذا الفضاء الجديد الذي وضعنا لبناته الأولى وعلى رعاية تنوعه وزخمه وانغراسه الميداني وانتشاره الجغرافي والدفاع عن كلّ مكوّناته بروح جماعية متضامنة كفيلة بجعلنا أقوى ويؤكدون على المضي قدما في جعل صوتها مسموعا وصورتها مرئية أمام الرأي العام الوطني
 
إننا اليوم على يقين أن بلادنا تعيش بعد 25 جويلية 2021 منعرجا سياسيا حاسما نريده فعلا تقدما نحو القطع مع الماضيين القريب والبعيد وتجديدا للأمل في تونس ديمقراطية وعادلة ومستقرة وهو ما لا يتحقق في نظرنا بالانفراد بالحكم وبتهميش وتجاهل دور المؤسسات والقوى الاجتماعية والشبابية والمنظمات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني والاحزاب ونسف المكاسب ورفض كلّ حوار ديمقراطي تعددي تفاعلي.
 
لأجل ذلك ينبّه المؤتمرون والمؤتمرات الحكومة من مخاطر تجاهل التزاماتها إزاء المعطلين عن العمل بكل اصنافهم واختصاصاتهم وضحايا التشغيل الهّش ومنها تفعيل القانون عدد 38 والتسوية العاجلة والعادلة لملف عمال الحضائر بمختلف اصنافهم وملف الدكاترة الباحثين والمفروزين أمنيا وملف الاتفاقات الموقعة على مستوى جهوي خاصة بسيدي بوزيد وتطاوين وقبلي وقفصة وغيرها وآليات التشغيل الهشة فضلا عن الاستجابة لمطالب أمهات وعائلات مفقودي الهجرة الغير النظامية.
 
كما يشددون على ضرورة وضع حدّ للتدهور الخطير للوضع البيئي في عديد الجهات وإيجاد حلول عاجلة ومدروسة للتصرف في النفايات واحترام حق التونسيين والتونسيات في العيش في بيئة سليمة تحفظ حياتهم وتحمي صحّتهم.
 
إن المهمة العاجلة اليوم في نظرنا للخروج من مأزقي ما قبل 25 جويلية و ما بعده وتجنب استفحال الأزمة هي بناء مشترك ديمقراطي اجتماعي تحمله العائلة الاجتماعية و الديمقراطية الموسّعة التي ننتمي إليها وسيسعى المتابعون لتنفيذ توصيات المؤتمر أن يكون نشر التقرير التأليفي في الأسابيع القادمة خطوة فعلية تساهم في وضع أرضيه جامعة لمقاوماتنا المتضامنة وبوصلة لقيادة نضالاتنا المشتركة في هذه المرحلة.
 
إن بناء هذا المشترك يفترض انخراطنا في مسار التشاور والتنسيق من أجل تعزيز جهود ميلاد خطّ ثالث يفتح أفقا جديدة يكون لنا فيه نحن الحركات الاجتماعية والمواطنية والفعاليات الشبابية والاتحاد العام التونسي للشغل والقوى السياسية الديمقراطية دورا بارزا من أجل حماية الحريات ولفرض العودة الى ديمقراطية حقيقية ووضع خطّة انقاذ اقتصادي واجتماعي عاجلة.
 
ويوصي المؤتمرون والمؤتمرات اللجنة التحضيرية للمؤتمر بضمان استمرار جهود التشبيك ويعهد لها متابعة تطورات المرحلة القادمة وتنظيم التشاور والنقاش جهويا ووطنيا مع كلّ الفعاليات المشاركة والسعي نحو الانفتاح على فعاليات جديدة.
 
بلاغ صحفي (بتصرف)