شهدت البلاد التونسية تحولات جذرية منذ 25 جويلية 2021 من تجميد للبرلمان ورفع حصانة نوابه استنادا للفصل 80 من دستور 2014 وتكليف السيدة نجلاء بودن بتكليف حكومة. وهو تغيير اعتبره الكثير من التونسيين شبيها بتغير 7 نوفمبر 1987.
كما صرح الرئيس الحالي قيس سعيد وفق بيان رئاسة الحكومة أن "المشكلة في تونس هي نتيجة دستور 2014، والذي ثبت أنه لم يعد صالحا ولا يمكن تواصل العمل به لأنه لا مشروعية له". ووجدنا انفسنا بين رافض لهذا التمشي كالأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي الذي يرى أن الرئيس استغل الجو العام المشحون والاحتقان الجماعي للالغاء الدستور والاستحواذ على السلطة، و داعم له كرئيسة الحكومة التي ترى أن الجمهورية التونسية "تعرضت لتهديد واهتزاز أسسها، ما دفع رئيس الجمهورية الى اتخاذ تدابير وقائية استثنائية من شأنها أن تضع البلاد على درب تصحيح مسارها الديمقراطي وتأسيس ديمقراطية حقيقية وسليمة تستجيب لإرادة الشعب وتطلعاته المشروعة".
فهناك من يرى أن الحاضر يشبه الماضي ويحذر من عودة النظام "الرئاسوي" خصوصا مع اسئثار رئيس الجمهورية بأغلب السلط وتهديده بحل المجلس الاعلى للقضاء والذي اعتبره رئيس المجلس الاعلى للقضاء السيد يوسف بوزاخر إلغاء للسلطة القضائية. كما عبرت المنظمات الدولية عن خوفها من المسّ من الحريات خاصة مع تزايد ظاهرة العنف البوليسي ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ناهيك عن التعيينات الأخيرة في سلك الولاة، التي يرى البعض أنها تمت على أساس الولاء السياسي ولا الكفاءة.
لكن تجدر الإشارة الى أن انقلاب 7 نوفمبر 1978 رغم التشابه مع ما حدث يوم 25 جويلية في الأوضاع الاجتماعية المشحونة الا أنه وقع في سياق مختلف، اذ كان الزعيم الحبيب بورقيبة آنذاك ينوي إقالة بن علي. فقام بن علي بتخطيط مع الحبيب عمار بالاطاحة به استنادا إلى الفصل 57 من دستور 1959 و بشهادة طبية تزعم عدم أهليته للقيام بالمهام الرئاسية .
كما كان في ذلك الوقت البرلمان والجمعيات والأحزاب أمور شكلية باعتبارها كانت في خدمة السلطة الحاكمة. وحتى الدستور كان حبر على ورق وتم تعديل فصوله تماشيا مع إرادة الرئيس لاسيما مع الاستفتاء الذي قام به زين العابدين بن علي يوم 26 ماي 2002 ليمنح نفسه الحق في رئاسة رابعة و ليرفع السن الاقصى للترشح للرئاسة لسن 75 سنة.
خلاصة القول، تبقى كل التأويلات ممكنة خاصة في ظل تكتم رئيس الجمهورية الحالي حول خارطة الطريق وقراراته السياسية وعدم تواصله مباشرة مع الشعب الذي يستمد منه حسب قوله شرعيته ، وفي ظل الوضع السياسي والاقتصادي المتأزم وحاجة الشعب إلى خطاب يطمئنهم بعيدا عن التكلف.