كنت مع أحد معارفي بجانب مقهى شعبيّ في وسط المدينة .. الرجل تعرّض إلى حادث مروّع وتهشّمت سيّارته تماما و هو يحاول تصوير الأضرار بالنقّال.. أحدهم وهو في لباس عاديّ، عرفنا أنّه عون مرور، أخذ يتهجّم علينا بكلام غير لائق ثمّ قادنا عنوة إلى مركز المرور وطلب من زميله أن يحرّر محضرا ضدّنا.. بعد ذلك أخذ يصيح في وجوهنا " أنا الرّئيس أنا الرّئيس ".. بعد وقت من الإيقاف في محيط من الصياح والتهديد أمر زميله قائلا " هزهم عدّيهم".. لم نعرف إلى أيّ سجن أو أيّ مركز إيقاف سنقضي ليلتنا.
آنئذ اضطررت إلى أن أناوله بطاقتي المهنيّة التي تحمل صفة وزير مفوّض فقال لزميله " سيّبهم ".
خرجنا وخرج، ركب سيّارة الشرطة وانطلق محدثا أزيزا حادّا " DEMARRAGE AMERICAIN " ثمّ غاب عنّا.
بعدئذ التحق بنا زميله وبكلّ لطف وأدب وكياسة عرض علينا المساعدة واستعداده إعانتنا على حمل السيّارة على ظهر الشاحنة حين تأتي.
أبهذا السلوك واستعمال النفوذ في غير محلّه إلى حدّ التجبّر يا وزير الداخلية ويا مدير الأمن الوطني ويا والي سيدي بوزيد ويا مسؤولي بئر الحفي ويا مثقّفين يهان المواطن في بئر الحفي وتداس كرامته كأنّه نشّال أو مزطول. هذا ما حدث يا أهالي ومسؤولي بئر الحفي أمام أعين الناس بجانب مقهى شعبيّ مملوء بالشباب والكهول.
عند العاشرة ليلا اتّصل بي صديقي حين و صل إلى العاصمة وهو الذي يعاني أمراضا مزمنة ليعلمني بأنّه متّجه إلى المصحّة من هول ما تعرّض إليه من إهانة وإيقاف من طرف عون المرور.. أمّا أنا فقد عدت إلى المنزل أرتعش من الحمّى بسبب الجرعة الثالثة من التلقيح.
ليعلم أصدقائي المثّقفين في أرجاء تونس وفي العالم العربي أنّ الدكتور عبد القادر بن الحاج نصر تعرّض للإيقاف لمدّة حوالي ربع ساعة من طرف عون مرور في حالة هيجان قصوى لا أعرف طبيعتها.
هكذا يحدث في بئر الحفي.