تتجه الدولة التونسية قريبا الى تفحص تقريرها من طرف لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وقد سبق لهذه اللجنة ان تقدّمت بمجموعة من الأسئلة، خلال شهر نوفمبر من سنة 2022، بغرض تقييم التدابير التي اتخذتها الدولة التونسية للقضاء على جريمة التعذيب وظاهرة الإفلات من العقاب وذلك على ضوء التوصيات المضمّنة في تقرير اللجنة لسنة 2016.
وتعتبر السيّدة نجلاء الطالبي، مديرة برنامج سند للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، أن بعد مرور ثماني سنوات عن توصيات اللجنة الأممية وقبيل اللقاء الجديد المرتقب معها، لم تقم تونس بتقدم ملحوظ على نهج الإيفاء بالتزاماتها الدولية وبقيت أغلب التوصيات حبرا على ورق.
في هذا الإطار تقدم المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب للدولة التونسية دليلا يبين أهم أسباب استفحال ظاهرة الإفلات من العقاب. هذا الدليل الذي يحمل عنوان "10 عقبات أمام العدالة: دليل الإصلاحات التشريعيّة ضدّ الإفلات من العقاب" يقدم أهم العقبات التي تحول دون تحقيق العدالة لضحايا التعذيب وسوء المعاملة، منها ما يتعلّق بالعراقيل التي يضعها أعوان الأمن لتعطيل سير الأبحاث، مرورا بضعف موقع الضحيّة في الإجراءات الجزائية، وصولا لوهن السلطات القضائية أمام هذا النوع من القضايا.
هذا التشخيص هو حصيلة عشر سنوات من خبرة وتجربة برنامج سند في مجال التنازع الجزائي والإداري قصد انتزاع العدالة لفائدة الضحايا المنتفعين من هذا البرنامج. هذا ما أكدته السيّدة هيلان لوجي، مديرة الشؤون القانونيّة ل "سند الحق" وهو خليّة التنازع القضائي صلب برنامج سند. وقد يحصل أن تكلّل هذه المنازعات بالنجاح في تحقيق شيء من العدالة لكنها في غالب الأحيان ما تكون غير مجدية وطويلة الأمد وذات وقع سلبي على نفسيّة الضحايا.
يقترح هذا الدليل على السلطات التونسية عدد 22 توصية لاتخاذ اصلاحات تشريعيّة حقيقيّة وسريعة بهدف احترام التزاماتها الدولية فيما يتعلّق بمكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب وتمكين الضحايا من الولوج فعليّا للعدالة علما وان هذه الإصلاحات وجب أن تكون مرفقة بمبادرات كفيلة بتحسين التعامل القضائي والأمني مع هذه القضايا.
يتجه التذكير في الأخير أن موعد نظر لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في التقرير المقدمة من الدولة التونسية محدّد مبدئيا لسنة 2024. فالوقت اذن قصير، لكن الأمل لايزال قائما.
من جهة أخرى وفي انتظار تحقيق الإصلاحات المرجوّة، بادر برنامج سند بإعداد تنازع أمام المحكمة الإدارية يرمي لتكريس مسؤولية الإدارة أولا والزامها ثانيا بالتعويض لضحايا التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة. لهذا الغرض ينشر برنامج سند اليوم دليلا تطبيقيا تحت عنوان:" مسؤولية الإدارة عن حالات التعذيب وسوء المعاملة" ويهدف أساسا لمساعدة المتقاضين وتسهيل عمل المحامين المهتمّين بهذا التنازع القضائي.