متى ستتصدّى السلطة بحزم للخطاب المُتطرّف ؟


بيان- في إطار مُتابعته للخروقات والتجاوزات المُتّصلة بمبادئ الدولة المدنية الحديثة ولقيم الجمهورية وحقوق الإنسان، سجّل المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة بكامل الاستياء خلال الأيام القليلة الماضية حدثيْن خطيريْن وهما:

1/ حصّة إذاعية تمّ بثّها يوم الاثنين الماضي على أمواج إذاعة راديو ماد، تمّت خلالها الدعوة إلى التصدّي لجزء هام من برنامج اللغة العربية المُوجّه إلى تلاميذ الثانوي، والتخلّي عن شعر عمر بن ربيعة، إحدى ركائز الأدب العربي، بتعلّة أن شعره منافٍ للأخلاق الدينية، بعد التخلّي عن أدب عَلمٍ هامّ آخر، وهو أبو العلاء المعرّي.
ويُعبّر المرصد في هذا الصدد عن رفضه التام لمناصرة المذيعة للتيار الرجعي المُتحجّر المُناهض للفكر التحرري في محاولة منها للتصدّي للفكر المستنير.
 
2/ خطبة إمام ألقاها يوم الجمعة الماضي بجامع "التقوى" بمدينة عقارب من ولاية صفاقس وتمّ نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، يُشبّه فيها مقهى في المنطقة يؤُمّها شبّان من فتيان وفتيات ب"جحر الضب المُظلم" ناعتا إيّاها ب"مستنقع الرذيلة لما فيها من تشبّه بأتباع اليهود والنصارى وتقليد لأخلاقهم الذميمة"، مُؤكّدا ان هذه المقاهي "مُختلطة والعياذ بالله". كما يُضيف هذا الإمام أن "الورود والحلويات في فترة الميلاد حرام، إذ لا يجوز الاحتفال بالسنة الميلاديّة لأن الله لم يأمر بذلك"، مُهدّدا بأن "المُتشبّهين بالكفار سينالهم عذاب الكفار".
ويعتبر المرصد أن هذا الخطاب خطير جدّا لما يحتويه من دعوة إلى كراهية المختلف، ممّا يُجيز تعنيفه، ومن رؤية مُتحجّرة تسعى إلى الحد من الحريات الفردية والحدّ من تفتّح شبابنا على الحضارة الإنسانية الكونية، ومن سعيه إلى مواكبة عصره.
 
ويُطالب المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة السلطات القائمة بالتصدّي الحازم لهذا الخطاب المُتزمّت في الجوامع وفي بعض وسائل الإعلام، حتى نقيَ مجتمعنا من أسباب الكراهية والعنف والإرهاب، حفاظا على المبادئ الكونية للمدنية وحقوق الإنسان.