ثلاث أسباب رئيسية كانت سببا في تدني نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، فالسبب الأول هو التسجيل الآلي الذي أدى إلى القفز من حوالي خمسة ملايين و ثلاثمائة ألف ناخب سنة 2011 إلى تسعة ملايين ومائتي ألف ناخب يوم 17 ديسمبر 2022 أي قرابة الضعف في عدد الناخبين.
السبب الثاني هو شعور شعبي بالاحباط و اليأس من الطبقة السياسية. فبعد 14 جانفي 2011 هب كل التونسيون الى مراكز الإقتراع للادلاء باصواتهم مشاركة منهم في اول عملية انتخابية ديمقراطية ظنا منهم انهم سيساهمون فعلا في رسم مستقبل وطنهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم، فصوت أغلبهم في انتخابات 2011 لمن يخاف الله ويعدهم بالجنة في الدنيا وفي الآخرة، لكن حركة النهضة لم تقدم لهم غير الجحيم والارهاب والخراب. وفي 2014 هب أغلبهم لمناصرة الباجي وحزبه ظنا منهم أنه حامي الوطن وعزته ومجده، لكن لم تكن خيبتهم منه أقل وطأة من خيبتهم ممن سبقوه. وفي 2018 شارك الناخبون في الانتخابات البلدية ظنا منهم أن جنتهم قد تكون جهوية لا مركزية، وأن قرارهم سيصبح بأيديهم بعد خروجه من السلطة المركزية، ولكن تجددت خيبتهم مرة أخرى ولم يجنوا من هته السلطة التشاركية غير التلوث، والقمامة، وجلب الرشوة والفساد، وتعميمها في الجهات وبالأخص داخل المجالس البلدية. أما في 2019 فقد قرر جل الناخبين التصويت لمن يعدهم بمقاومة الفساد، والقطع نهائيا مع السابقين الفاسدين. لكن تجددت خيبتهم بعد أن إستبدل قيس سعيد الفساد بالكساد وزاد في بؤسهم و فقرهم .
قيس سعيّد بسنه لمرسوم رديء للانتخابات كان أول المتسببين في تدني نسبة المشاركة في هته الانتخابات، فحتى اكبر المناصرين والمساندين لمسار 25 جويلية لم يجد يوم الانتخابات في العديد من الدوائر مرشحا محترما جديرا بنيل صوته.