عدلنا الكثير في المنظومة السياسية، وفي التعديل اشياء هامة ، لكن الأخطاء بقيت، وعديد السلوكيات يجب ان تتغير ، وسوف نضيع للاسف وقتا اخر للتصحيح، التصويت على الافراد هو النظام الأفضل لتونس في هذه المرحلة السياسية، وأنا مقتنع بذلك.
والتصويت على الأفراد هو الأصل في الديمقراطيات، وتعمل به اليوم بريطانيا والولايات المتحدة وكندا، وأغلب الانظمة الانقلوسكسونية، وكذلك فرنسا، غير ان بعض التفاصيل التي وردت بشان التصويت على الافراد نزعت عنه بعض ايجابياته وربما أهمها.
فقد دعوت مرارا وتكرارا لتفادي هذه التفاصيل، ولكن شيئا لم يحصل. لذا ، لا اعتقد ان نظام التصويت الجديد سوف ينتج مشهدا سياسيا افضل.
سوف نحتاج إلى تصحيحات اخرى في نظام الحكم ، حتى تستوي الامور، فالامور لا تستوى دون استقرار ودون أداء حوكمي رفيع، والمناخ السياسي يبقى دائما المؤثر في تحقيق الاقتصاد القوي وفي تعميم الرفاه الاجتماعي.
كنت أعتقد ان البرلمان الجديد سوف ينتج كتلا برلمانية قوية تكون الانطلاقة لاحزاب جديدة، لكن هذا لن يكون كما تمنيناه، والاحزاب الناشئة لن تكون بالصورة التي نريد، ولن يكون البرلمانيون الجدد في جهاتهم الشخصيات المحلية السياسية الأكثر أهمية ولا الأشد فاعلية، ربما البعض فقط وهم قلة.
فالأهم هو أننا لن نقدر بهذه التركيبة الجديدة على إرجاع الثقة في الدولة وفي العملية الديقراطية ككل، والاداء سوف يكون ضعيفا، فهذا هو بيت القصيد: الثقة في النظام، و الاداء الجيّد. التفاصيل افسدت الاصل، و حالت دون استقطاب افضل الكفاأت، من هذه التفاصيل اشتراط عدم الجمع مع مهن أخرى ! هذا الشرط حرم البرلمان من أفضل المترشحين وهم الناجحين في مهنهم وأصحاب الرأي والمشاريع ، وجلب من لا مهنة لهم أو لا نجاح لهم في مهنتهم أو من هم يريدون جعل السياسة مهنة جديدة ( أو بالاحرى اداة استرزاق جديدة ).
أيضا، اشتراط 400 تزكية لكل مترشح ( معرف بها نصفها نساء و ثلثها شباب )، هذا شرط ازاح وجوها اخرى هامة، أولئك الذين تبحث السياسة عنهم ولا يبحثون عن السياسة غير المتعودين بـ"الكمبنة السياسية" أو غير القابلين للتسول من أجل المنصب.
وإشتراط الفردية المطلقة في المترشحين دون الاستعانة بالاحزاب، هذا الشرط فتّت الترشح، وغيّب كل التصورات الكبرى المشتركة وأضعف مستوى الحملة وجعل بعض الصور "كاراكوزية"... فلا تنافس جدي دون تهيكل حزبي، وهذا صحيح الآن أو في المستقبل.
فإدارة الدول ليست سهلة، وإدارة التحول أصعب.