أنا لا اهتم لا بديانتك ولا بجنسك ولا بلباسك ولا بأكلك ولا بطريقة عيشك، فأنت حر. قد لا يعجبني ما تختاره، لكن ليس من حقي أن أحكم عليك وعلى خياراتك. فكل ما يعنيني فيك هو سلوكك وتصرفاتك تجاهي وتجاه الآخر وتجاه المجتمع، وايضا تجاه البيئة والطبيعة وحتى تجاه طريقتك في التعامل مع الحيوان.
في بعض الأحيان قد يكون اللباس الشاذ أو التصرف الشاذ هو آخر أسلوب ينتهجه الشخص بعد أن يئس من إلتفات و إنتباه الناس إلى حدة الألم الذي يعاني منه. وفي بعض الأحيان يجب أن تكسر عاداتهم وتقاليدهم وموروثهم وقيمهم، حتى ينتبهوا إليك و يعلموا حجم مأساتك و بكونك لم تمت ولازلت موجودا معهم.
لن أنسى زميلي في مهنة المحاماة، والذي تغيب لأشهر و سنوات عن الحضور في المحاكم والجلسات، ولم يسأل عن أحواله احد بل ان جل شباب المحامين لم يسمعوا بإسمه و كونه موجودا معهم في نفس المهنة، ثم وبدون سابق تنبيه وإنذار فاجأهم بترشحه لرئاسة فرع المحامين. لن أنسى كيف ضحكوا من ترشحه الذي إعتبروه عملا شاذا، كونه لا يحضى بأي فرصة للفوز بالانتخابات.
ولن أنسى كيف فاجأهم الزميل و كتب لهم رسالة أبكتني وابكتهم، وأعلمهم فيها أن ترشحه ليس بغاية الفوز بالإنتخابات بل بغاية إعلامهم أن لديهم زميل إسمه "كذا" لازال حيا و موجودا بينهم وانه يعاني من مرض عضال، ولم يلتفت لمرضه أحد، ولم يسألوا عنه يوما، فقرر أن يفاجئهم بترشحه "الغريب" حتى ينتفضوا ضده، فبإنتفاضتهم تلك سيعلمون بوجوده ضمنهم.
رحم الله ذاك الزميل الذي مات بعد فترة وجيزة من اجراء الانتخابات فقد أعطانا درسا لن ننساه ابدا...