حول تتقيح القانون الانتخابي وتهميش السلطة التشريعية


بيان- تابعت الجمعيات والمنظمات المكونة لمرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف صدور المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر2022 المتعلّق بتنقيح القانون الانتخابي الذي صيغ بصورة أحادية في غياب تام للتشاركية علاوة على وروده في حالة استثناء دستوري معتمدا نظام اقتراع على الافراد مع تخفيض عدد المقاعد من 217 إلى 161 وإعادة تقسيم الدّوائر الانتخابيّة.

كما ترى الجمعيات والمنظمات المكونة لمرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف أن التحويرات التي طرأت على القانون الانتخابي تتعارض أصلا مع الأهداف التي وضعت من أجلها، حيث تمسّ من جوهر الديمقراطية ولها تداعيات خطيرة على المسارات الانتخابية لما تضمنته من استثناءات وتضييقيات لا تتناسب مع المعايير الفضلى والمبادئ العامة للقانون الانتخابي ولنص الدستور نفسه علاوة على إضعاف دور أعضاء وعضوات البرلمان القادم في رسم سياسات الدولة ومراقبة سير أداء الحكومة مما يخلّ من التوازن بين السلط لصالح السلطة التنفيذية.
 
ويعتبر المرصد أن المرسوم يحتوي على تراجع في الحقوق والحريات، وخاصة:
 
1. التوسع في الاستثناء من حق الانتخاب، بما في ذلك حرمان الأمنيين من التسجيل بسجل الناخبين ممّا يمثّل تراجعا عن تكريس مبدأ الاقتراع العام والذي تحقق خلال الانتخابات البلدية لسنة 2018،
 
2. تضييق مجال الحق في الترشح عبر إضافة عدة شروط جديدة تتعارض والمعايير الدولية المتعلقة بالانتخابات من جهة وذلك بإضافة شروط أخرى تحد من إمكانية الترشح مما يمثل إقصاء مقنع لفئة واسعة من المواطنين على غرار الحاملين/ت لجنسية ثانية وإضافة شرط حصول المترشح في الانتخابات التشريعية على 400 تزكية، وما يتعلق بها من شروط، وهو ما يمثل ضربا صارخا لحق الترشح والمشاركة في الحياة السياسية سيؤدي الى حصر الترشح في فئة صغيرة من المتنفذين أو أصحاب وصاحبات رؤوس الأموال والمنتمين لتيارات شعبوية وإقصاء باقي القوى الحية من حق المشاركة في الحياة السياسية
 
3. التراجع عن الالتزام نحو المساواة التامة بين الرجل والمرأة وتمثيلية الشباب وذوي وذوات الإعاقة في المجالس المنتخبة مما يعتبر تراجعا عن المكاسب التي تم تحقيقها بفضل مجهود المجتمع المدني والداعمين للحقوق والحريات
 
كما يطرح عددا من التحديات المتعلقة بنظام الاقتراع ومساره وخاصّة:

1.الانتخاب على الأفراد في دورتين تصاحبه اجراءات مجحفة والتخوّف من إمكانية استعمال قاعدة بيانات التزكيات لاحقا من السلطة او أي طرف أخر للتشفي او للتمييز ضد فئة معينة.

2. إلغاء التمويل العمومي والاقتصار على التمويل الذاتي والخاص من شأنه تعزيز حظوظ أصحاب المال والجاه والمنتمين إلى التيارات الشعبوية على حساب نجاح المنتمين إلى حركات سياسية غير متمتعين بقدرات مالية هامة ورافضين التمويل المشبوه من الداخل والخارج.

3. امكانية انتخاب مجلس تشريعي متشظي ذي أغلبية ذكورية متنفذة جهويا مما يصعب المهمة التشريعية ويضعف دوره ويؤدي الي عدم استقرار وضبابية في إدارة الشأن العام، مع اقرار سحب الوكالة من شأنه إرساء مناخ عدم استقرار في المجلس المنتخب علاوة على تعريض النواب للضغط والتهديد

4. التقسيم الترابي الذي تمّ لكي يتلاءم مع نظام الاقتراع المعتمد (الاقتراع على الافراد في دورتين) بالإضافة إلى التقليص في عدد النواب ليمر من 217الي 161 موزعين على 151دائرة في الداخل و 10 في الخارج، والذي يطرح عددا من الإشكاليات الجوهرية، وخاصة، ضرب مبدأ عدالة التمثيل الانتخابي، حيث يكرس هذا التقسيم عدم التوازن بين الجهات.
 
ويذكّر مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف بالمواقف التي اتخذتها مكوناته منذ 25 جويلية في خصوص القرارات الأحادية التي تم اتخاذها من السلطة التنفيذية دون أي حوار حقيقي مع مكونات المجتمع المدني،
كما يؤكد على تمسكه بالتناصف كمعيار أساسي في كل تشريع انتخابي، وبتحقيق تمثيلية مختلف الفئات،
 
ويدعو المرصد الى مراجعة المرسوم وتنقيحه بما يتماشى مع المسار التشريعي الذي كان متجها نحو تكريس المبادئ العامة للقانون الانتخابي نحو اقتراع عام واسع وتمثيل شعبي حقيقي يقوم على التناصف وتشريك الشباب و تمثيل كل القوى السياسية.