من المتوقع أن يزور أكثر من مليون مشجع دولة قطر لحضور بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022™ هذا العام. ولضمان سلامة اللاعبين والمسؤولين والمشجعين والسكان المحليين طوال البطولة، وضع مسؤولو الصحة في وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية مجموعة واسعة من التدابير للتخفيف من أي أخطار محتملة تتهدد الصحة العامة.
وتأتي هذه الجهود في إطار شراكة الرياضة من أجل الصحة والتي تمتد لثلاث سنوات بين وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية. ويعد الأمن الصحي ركيزة أساسية لتلك الشراكة إلى جانب تعزيز الصحة. ويشمل ذلك تقييم المخاطر وبروتوكولات التجمعات الجماهيرية داخل الملاعب وخارجها، والمراقبة القائمة على الأحداث لحماية الناس من تفشي الأمراض المعدية والإبلاغ عن المخاطر. حيث يلعب عنصر الأمن الصحي دورا أساسيا في ضمان صحة ورفاهية المشاركون في الأحداث الرياضية الضخمة.
وفي هذا الصدد، صرح الدكتور حمد عيد الرميحي، مدير حماية الصحة ومكافحة الأمراض الانتقالية بوزارة الصحة العامة، قائلا: "إن الأحداث الرياضية الضخمة مثل بطولات كأس العالم يحضرها أعداد كبيرة من الأشخاص مما يشكل عبئاً قد يثقل كاهل خدمات الصحة العامة وموارد الاستجابة للدولة أو المجتمع المضيف. لذا، يعتبر الاستعداد أمر بالغ الأهمية لأي خطة فعالة للأمن الصحي، وقد شهد قطاع الرعاية الصحية في قطر تحولا ملحوظا في السنوات الأخيرة".
وأكمل د. الرميحي قائلاً: "لقد شهد قطاع الرعاية الصحية في قطر نمواً كبيراً وتوسعاً ملحوظاً خلال العشر سنوات الماضية. حيث تم افتتاح عشرة مستشفيات جديدة و16 مركزا جديدا للرعاية الصحية الأولية منذ عام 2010 في القطاع العام وحده، مما ساهم في تعزيز القدرة الاستيعابية عبر المنظومة الصحية بشكل كبير. وقد شوهد هذا التحول أيضا في خدماتنا الطبية الطارئة، مع توسيع خدمة الإسعاف الوطني وافتتاح أكبر مركز للإصابات والطوارئ في المنطقة في عام 2019".
وأضاف د. الرميحي: "هناك مجال مهم آخر للتنمية يتمثل في القوى العاملة لدينا. لقد أولينا أهمية كبيرة لبناء فريق قوي وذو مهارات عالية من المتخصصين في الرعاية الصحية في جميع أنحاء النظام لقيادة تقديم خدمات رعاية صحية عالية الجودة لسكان قطر. ويمكن لجميع مشجعي كرة القدم الذين يزورون قطر لحضور بطولة كأس العالم لكرة القدم أن يطمئنوا إلى أنهم سيحصلون على خدمات الرعاية الصحية من فرق مؤسسة حمد الطبية وفق أعلى المعايير الدولية".
ومن خلال شراكة الرياضة من أجل الصحة، تدعم منظمة الصحة العالمية وزارة الصحة العامة بدولة قطر من خلال توفير التوجيه والارشاد التقني في تطبيق النهج القائم على المخاطر عند التخطيط للأحداث الكبرى وتعزيز قدرات الاستجابة، بما في ذلك إدارة الفاشيات. حيث سيسهم هذا الدعم التقني في استكمال خبرات دولة قطر في مجال الصحة العامة وصقلها بأحدث الممارسات والخبرات المكتسبة من الأحداث الرياضية الضخمة الأخيرة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين التي عقدت في وقت سابق من هذا العام.
لقد اكتسبت فرق الرعاية الصحية في قطر خبرات كبيرة في مجال تقديم الخدمات للفعاليات والتجمعات الكبرى في قطر. وفي السنوات الأخيرة، شاركت القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية في قطر في البطولات واسعة النطاق التي استضافتها الدوحة، بما في ذلك بطولة كأس العالم للأندية قطر 2019، وبطولة العالم لألعاب القوى 2019، وكأس العرب لكرة القدم 2021™.
وبالمثل اكتسب الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا بالفعل خبرة في تنظيم بطولات كرة القدم في ظل الظروف الوبائية الأخيرة. وتميز بسرعة الاستجابة للوباء بإنشاء فريق عمل بالتعاون مع أصحاب المصلحة للإشراف على التصفيات المؤهلة لكأس العالم، ووضع بروتوكولات صارمة تمشيا مع توصيات منظمة الصحة العالمية لحماية اللاعبين، وقد تم صقل تلك البروتوكولات بمرور الوقت لضمان العودة الآمنة للجماهير.
وفي الوقت ذاته، نجحت دولة قطر في الحفاظ على أدنى معدلات الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 وأعلى معدلات التطعيم في العالم، بفضل نهجها القائم على العلوم، وبفضل تطوير نظام الرعاية الصحية لديها.
في هذا الصدد أعربت الدكتورة ريانا بوحقة، ممثلة منظمة الصحة العالمية في دولة قطر، عن إعجابها بالتجارب الناجحة لدولة قطر قائلةً: "لقد أظهرت لنا الدروس المستفادة خلال بطولة كأس العرب لكرة القدم العام الماضي أنه يمكن تنظيم التجمعات الجماهيرية بنجاح إذا تمت إدارتها بشكل صحيح، ولكنها لا يمكن أبدا أن تكون خالية تماما من المخاطر. ومع ذلك، يمكن الحد من المخاطر المرتبطة بها من خلال تطبيق تدابير احترازية مصممة خصيصا لكل حدث على الأماكن والمشاركين والسياق الذي يقام فيه الحدث، وذلك في إطار عام لتعزيز تدابير الترصد والصحة العامة المتبعة في البلد المضيف".
وأضافت د. بوحقة قائلة: “تتمثل خطتنا الآن في البناء على أفضل الممارسات والتوصيات الصادرة عن بطولة كأس™ العرب لكرة القدم 2021 وتعزيز التأهب للطوارئ الصحية وضمان الحفاظ على التدابير الاحترازية لاحتواء الأمراض المعدية، بما في ذلك كوفيد-19، من أجل الحفاظ على سلامة الناس وصحتهم".
وقد تعاونت وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية هذا العام لتنظيم سلسلة من ورش العمل التدريبية وتمارين المحاكاة قبل كأس العالم. وتعقيباً على ذلك، قالت جيليان داسي، التي تدير تمارين المحاكاة لمنظمة الصحة العالمية، أنه "عندما ندعم هذه الأنواع من تمارين المحاكاة، فإننا عادة ما نتخيل سيناريو ما قد يكون من المحتمل أن يحدث، ونقوم بعرضه. عندما نفعل ذلك، نريد دائما التأكد من أن الأزمة المحاكية كبيرة بما يكفي للضغط فعليا على النظام، وهو ما يشبه حدث الإصابات الجماعية. وسيحدد هذا النوع من التمارين المجالات التي تتطلب مزيدا من التعزيز والدعم".
وتدعم منظمة الصحة العالمية وتشجع على استخدام تمارين المحاكاة كجزء من التخطيط للتأهب للطوارئ لأنه على مر السنين، اتضح جلياً أهمية وجود أنظمة تعمل بشكل صحيح وأن تكون جاهزة للاستجابة بشكل فعال لحالات الطوارئ الصحية.
من الجدير بالذكر أن الشراكة الفريدة، الرياضة من أجل الصحة، تهدف إلى إنشاء برنامج عمل لحماية وتعزيز الصحة في التجمعات الجماهيرية المستقبلية، حيث تمثل بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢™ فرصة فريدة لتطوير نهج جديد لتنظيم فعاليات رياضية ضخمة تأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من الوباء وتعزيز الرياضة والصحة كمسار للتعافي.